أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الأسرى لا ينتظرون منا أن نفخر بعدد سنوات سجنهم!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 21.11.2021

يوم 20تشرين ثاني 2021 يكون الأسير نائل البرغوثي قد أمضى، أو مضى عليه، في الأسر 42سنة..حوّلوها لأيام، وساعات، و..تأملوا ماذا تعني الأرقام في حياة إنسان، وكيف تحملها بين الجدران، واسألوا أنفسكم: ما العمل الجدّي المُجدي لتحريرهم؟!
مانديلا العظيم قضى قرابة 27 عاما في سجون الفصل العنصر فضجّ العالم، وارتفعت الأصوات..وبصبره وعزيمته وانحياز (الرأي العام العالمي) له، اضطر نظام الميز العنصري للإفراج عنه ليتمتع بحريته هو ووطنه وشعبه.
في الحالة الفلسطينية( الرأي العام العالمي) و( المجتمع الدولي) متقاعسان عن فعل شئ لنائل البرغوثي، ولمن تُقيّد أرجلهم وأيديهم، ويزّج بهم في زنازين تليق بأن تسكنها فقط الحشرات، والأمراض، وكل ما وُجدت له من تدمير للأبدان، و..العقول، والإرادات. هذا هو بعض مخطط أجهزة الاحتلال وقياداته، لتهديم الإنسان الفلسطيني، وإلغاء وجوده.
ربما رأيتم الفيديو الذي هُرّب من سجون الاحتلال، والذي بثّته فضائية الميادين قبل أيّام، وتظهر فيه الزنازين التي تفتقت عنها عقول أجهزة الكيان الصهيوني، والتي لم تمارس من قبل في أحط دول الاستعمار، ولا عجب، فالكيان الصهيوني لا يستعمر فلسطين أرضا وشعبا، ولكنه يعمد، ومنذ بدأ مؤسسوه في التخطيط لاحتلال فلسطين، إلى إبادة الفلسطينيين، بتذويب من يبقى منهم في أرضه، ومن يتم تهجيره بعد اقتلاعه ورميه بعيدا حتى يذوب في المنافي القريبة والبعيدة..فهدفه إنهاء وجود شعب فلسطين، يعني إبادته بحيث لا يبقى له حضور وذكر يؤرّق المشروع الصهيوني.
كتبت اسم نائل البرغوثي، ووضعت بجواره الرقم 42 سنة، وبدأت في التأمل، والتخيّل، فوردت اسماء كثيرة مختزنة في ذاكرتي، ممن عرفتهم عن قرب، ومن عرفتهم عن بعد..وتوقفت باحترام تجدر به عائلة البرغوثي بأبطالها وبطلاتها.
أنا أعرف أن الاحتلال يزداد شراسة ولؤما وقسوة كلما ازداد عدد المقاومين الفلسطينيين من أبناء وبنات وأطفال شعبنا، وتتضاعف همجيته ويصاب بالذهول، بل ويُفجع، وهو يرى ما يصدمه من بطولات شعبنا، وفي أوج تشككه في إمكانية بقاء مشروعه بالأساس، وقنوطه من كل ممارساته، ومخططاته القمعية، وانعدام جدواها في ردع الفلسطينيين، ودفعهم للاستسلام، فإنه يلجأ لابتداع وسائل وأساليب ردعيه غير مسبوقة يضيفها لتراث أعداء الشعوب الذين اضطروا في النهاية إلى الخروج من بلاد نهبوها، وأبادوا بعض شعوبها، وقتلوا الملايين من أبنائها.( الجزائر، فياتنام، كوريا..و أخيرا أفغانستان).
مشكلة من خططوا لقيام المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، في قلب الوطن العربي، أنهم راهنوا على ما يرونه على ( السطح)، يعني على حالة التخلّف التي تركتها الإمبراطورية العثمانية في بلاد العرب، ومنها فلسطين، وتجاهلوا باستهتار جذور هذا العربي الذي يرونه رثّا غير متعلم، عاجزا عن مواجهة تقسيم بلاده في جلسات ممثلي بريطانيا وفرنسا، ووضع حدود لها تقرر مستقبلها، وتحولها إلى أشلاء..لن تقوم لها قائمة!
وكانت فلسطين في جوهر سايكس –بيكو غنيمة للمشروع الصهيوني، و..قاعدة متقدمة للغرب الاستعماري البريطاني الفرنسي..ومن بعد للإمبراطورية الأمريكية( المتصهينة) مبكرا.
الفلاح الفلسطيني رّث الملابس، الذي يمشي على ثرى أرضه حافي القدمين، والذي يحرث أرضه بمحراث عتيق يعود إلى مئات السنين، أغوى مشهده الغزاة الطامعين به وببلاده، وهم اندفعوا بمحاريث حديثة، وبطائرات ودبابات ورشاشات حديثة، وبمنجزات تنتمي للقرن العشرين بعلمه ومعرفته!
غابت عمّن خططوا للمشروع الصههيوني( روح) الفلسطيني وعراقتها، وروح تاريخه وجغرافيته..وهنا يكمن ( سّر) فشل المشروع الصهيوني، فالعتمة لم تأت على قّد يّد الحرامي..في فلسطين، لأن صاحب البيت تنبّه، وازداد استيقاظا وعنادا في مطاردة الحرامي، رغم أن الحرامي مسلّح بكّل وسائل الإبادة..والفلسطيني صاحب البيت يحمل عصاه وشبريته وحجارته..وما تيسّر له من سلاح متواضع في معركته الضارية الوجودية، وهي معركة وجود أمة رغم ( خيانات) و( تطبيع) بعض من يقودون ويتحكمون بأجزاء وأشلاء توصف بأنها دول..وهي غير جديرة بهذه الصفة.
الاحتلال الصهيوني يرفض الإفراج عن نائل البرغوثي الذي أُفرج عنه في صفقة التبادل عام 2011 ..ثُم أعيد اعتقاله عام 2014 مع كثير ممن (حُرّروا).
لا يكفي أن نباهي بنائل البرغوثي، ونعد سنوات سجنه..ونفخر بصموده وبطولته، وهذه صفات تحلّى بها ويجدر أن تحفظ في تاريخ مسيرة شعبنا الكفاحية الثورية المُعجزة، فلا بد من أن يُفرض على الاحتلال أن يُفرج عن الأسرى الأبطال بأعمال تجبره على الانصياع لإرادة مقاومة شعب فلسطين...
لقد فرض حزب الله على ( العدو) أن يحني رأسه مرغما ويفرج عن البطل سمير القنطار، رغم رفضه المتكرر بالإفراج عنه، وتوعده بأنه لن يفرج عنه أبدا...
مع المباهاة بنائل البرغوثي، وبأخوته وأخواته ورفقائه، لا بُد من ( الفعل) الذي لا يستطيع الاحتلال رفضه، ليفرج مرغما عن الأسرى الأبطال حقا، بحيث يدرك الاحتلال بأنه لن يستطيع ( الاحتفاظ) بأبطال شعبنا حتى الموت في زنازين الحفر التي يريدها قبورا( نفسية) لأسرانا...
تحية للأسيرات والأسرى شيوخا ونساءً وأطفالاً..وتحية خاصة لنائل البرغوثي الذي عاش في السجون أضعاف ما عاش من سنوات في بيته، وحقله، ومع زوجته المناضلة المحررة إيمان نافع التي تزوجها بعد الإفراج عنه عام 2011، ولم يعيشا معا سوى 3سنوات...

1