من الطبيعي أن يتفهم الجميع متطلبات الحراك الفلسطيني بخصوص قانون الضمان الإجتماعي ، وفي بعض المتطلبات أمور جوهرية لا بد ان يتم الوقوف عليها بجدية ، كما أن وعود سيادة الرئيس المتكررة للحراك بالتعديل على القانون بما يرضي جميع الاطراف وبأثر رجعي أفسح المجال للجميع للمراجعة وتصحيح البوصلة بدون أي إنتقاض من متطلبات جميع الاطراف.
ولكن ما يعطل سير العملية بسلاسة هو الهوجس والشكوك من منطلق التجارب السابقة لمؤسسات وصناديق التي يعتقد البعض انها أخفقت في أداء مهامها بمهنية ، ولكن في الجانب الاخر نرى مؤسسات سطرت نجاحات تلو النجاحات وأثبتت للجميع مدى حاكميتها وشكلت نماذج يحتذى بها عاليماً ومحلياً وأذكر منها ، سلطة النقد الفلسطينية ، هيئة التقاعد الفلسطينية ، هيئة سوق رأس المال الفلسطينية وجهاز الاحصاء المركزي ، صندوق متضرري حوادث الطرق ، نظام التأمين الصحي الحكومي الذي يغطي مختلف العمليات الجارحية الحرجة التي لا تغطيها دول اخرى لها سيادة وقدرات مالية أضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية ، فلماذا يتم اطلاق الاحكام المسبقة ؟ وما المبرر لوضع السكين في قلب جسد مؤسسة وليدة ، مع العلم أنه من المؤمل أن تكون من افضل المؤسسات وأكبرها وتضمن سلاسة في توزيع الاعباء وتشكل حزام تأميني اجتماعي ونبراس تنمية وتشارك تكافلي هام.
ان مساعي الحراك التصحيحية أمرٌ هام ونقطة جوهرية لتعديل بعض البنود على القانون للوصول الى نقاط وارضية مشتركة ، والوقوف على بعض الهواجس المبررة أمر ضروري ويجب أخذه بعين الاعتبار ، وتركيز المطالب بوجود ضوابط وتعليمات تخفف من الهواجس وترفع من هامش الثقة أمر صحي وسليم ، ولا مانع من تضمين المطالب بالقانون ان لزم الامر ، ولكن السلبية في الطرح والرفض المطلق و التجريح واسقاط السيناريو المتشائم جداً ليس من السهل التعاطي معه لا من قبل حوكمة ولا من قائمين على الحراك، وتحميل الحراك امور تفوق الهدف التصحيحي الذي وجد له يفقده البوصلة احياناً .
اخوتي واخواتي، بعد مقالي السابق " نعم والف نعم للضمان الاجتماعي " قد يعتقد البعض انني اسير عكس التيار من باب الشهرة وحب الظهور، وقد تحملت الكثير من الذم والتشهير ولكن أكرر الضمان الاجتماعي هو حزام تأميني كما هي شركات التأمين ، والمنافع التامينية تأتي بالتدريج مع نمو المؤسسة، وقسطك التاميني التكافلي الهدف منه هو تأمين حصولك على معاش تقاعدي يؤمن لك حياه كريمة، وقياس المنافع بمقياس " الفلافل " كما فعل جزء من الزملاء مجحف للاسف.
أكملو حراككم التصحيحي لانجاح مؤسسة الضمان الاجتماعي وتعديل القانون باهداف قابلة التحقيق ، لنصل الى ضمان اجتماعي عادل وكريم ، واخيراً أُجمل الحديث بأن الدول تبنى بمؤسساتها وليس باشخاصها فبادرو بحراككم بولادة مؤسسة نفتخر بها.
فلسطين : الضمان الاجتماعي وهواجس الخوف من المجهول!!
بقلم : هيثم صلاح الدين نجار ... 10.12.2018