أحدث الأخبار
الأربعاء 04 كانون أول/ديسمبر 2024
في وادي بانشير في أفغانستان خوف من طالبان يُلازم السكان!!
بقلم : الديار ... 11.08.2022

بازاراك (أفغانستان)- لا يزال سكّان وادي بانشير في أفغانستان الذي كان آخر جيب للمعارضة ,سقط بأيدي الإسلاميين مطلع أيلول/سبتمبر 2001، يعيشون في الخوف من حركة طالبان المتّهمة بارتكاب انتهاكات بحقّهم.يقول أمير (اسم مستعار)، وهو طالب يبلغ من العمر 22 عامًا، قرب قرية صافد شرر، في حديث مع وكالة فرانس برس "منذ أن وصلوا (مقاتلو طالبان)، لا يشعر الناس أنهم بأمان، يشعرون بالخوف ولا يمكنهم التكلّم بحريّة".وفي 6 أيلول/سبتمبر 2021، أعلنت حركة طالبان أنها استولت "بالكامل" على وادي بانشير، بعدما فشلت جبهة المقاومة الوطنية في منع الحركة الإسلامية، التي وصلت إلى السلطة في منتصف آب/أغسطس، من السيطرة على المنطقة.وساهم أحمد شاه مسعود في شهرة بانشير في ثمانينات القرن الماضي قبل أن يغتاله تنظيم القاعدة في 2001.
ولم يسقط وادي بانشير تحت الاحتلال السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي ولا خلال حكم طالبان بعد عقد من الزمن ونظامها الأول (1996-2001).وبعد عام على عودة طالبان إلى السلطة، تبدو جبهة المقاومة الوطنية بقيادة أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود، التهديد العسكري التقليدي الوحيد لأسياد السلطة الجدد.وفي 7 أيار/مايو، أعلنت جبهة المقاومة الوطنية بدء هجوم كبير على طالبان في عدد من ولايات شمال أفغانستان بينها ولاية بانشير
.اثر الإعلان، اندلعت الاشتباكات بين جبهة المقاومة الوطنية وطالبان وتحدث كل منهما عن مقتل العشرات في صفوف الطرف الآخر، وهي حصيلة يتعذر تأكيدها من مصدر مستقل في هذا الوادي الذي يصعب الوصول إليه.ومذّاك الحين، يتمركز المقاومون في الجبال، فيما ينتشر نحو ستة آلاف مقاتل من طالبان في الوادي. وباتت تسيطر الحركة على الطريق الرئيسي الذي يمرّ قرب نهر بانشير على مسافة أكثر من مئة كيلومتر.ويمكن رؤية مقاتلي طالبان في القرى وعند حواجز عدة.ويتابع أمير "لا يمكننا المشيء مساءً مع أصدقائنا (...) فور وصولنا إلى مكان ما لنتسكّع، يأتون إلينا ليمنعوننا من ذلك، ويسألوننا لماذا نجلس هنا".وبحسب أمير، "ربما يعتقد مقاتلو طالبان أن الشباب يخططون لشيء ضدّهم إذا تجمّعوا"، وكأنهم من صفوف المقاومة.في حزيران/يونيو، اتّهمت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش حركة طالبان بارتكاب أعمال تعذيب في الإقليم وباحتجاز مدنيين تعسفيًا بتهمة انتمائهم لجبهة المقاومة الوطنية.وقالت منظمة العفو حينها إن "هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان تخلق مناخًا من الخوف وانعدام الثقة في المنطقة"، ما نفته طالبان.وتقول نبيلة الآتية من كابول مع أخواتها الأربع لحضور جنازة والدتهنّ قرب مدينة بازاراك "في الماضي، كنّا نشعر بسعادة عندما نأتي إلى هنا، كان يمكن لأزواجنا المجيء بحرية".وتضيف، دون الكشف عن كنيتها، "أصبحنا الآن نشعر بالخوف ونخشى أن يقوم (مقاتلو طالبان) باعتقالهم. لم يتمكّن معظم أزواجنا من حضور الجنازة، قلنا لهم إنه لا يمكننا الوثوق بطالبان".لدى وصول طالبان في أيلول/سبتمبر إلى المنطقة التي كان يقطن فيها أكثر من 170 ألف نسمة قبل آب/أغسطس 2021، فرّ العديد من السكّان.ويؤكّد المتحدث باسم حاكم إقليم بانشير أبو بكر الصديق، لوكالة فرانس برس، "غادرت أقلّ من ألفيْ عائلة ربما بانشير، لكن معظمها عادت".ويعتبر ما تقوم به جبهة المقاومة الوطنية "دعاية"، وهي فكرة يؤيّدها عبد الحميد خراساني، القائد لمحلي لكتيبة "بدري 313" وهي عناصر قوات خاصة تابعة لطالبان.ويقول خراساني، في منزل في قرية تاواخ أصبح مقرّه على مدخل الوادي "لم نرَ أي جبهة، الجبهة غير موجودة".ويؤكّد الرجل المُحاط بحرّاس مسلّحين أنه "لا يوجد أي تهديد أمني، في أي مكان (...) هناك بعض الأشخاص في الجبال ونحن نلاحقهم".من جهته، يقول علي ميسم نظاري، مسؤول العلاقات الدولية في جبهة المقاومة الوطنية "إذا كنّا مقاتلين قلائل وأُبعدنا إلى داخل الجبال، لماذا يرسلون آلاف المقاتلين؟".ويؤكّد أن جبهة المقاومة الوطنية تملك "قاعدة دائمة في كلّ وادٍ جانبي في بانشير، أي أكثر من عشرين قاعدة"، وفي أقاليم أخرى في شمال شرق البلاد. وتقول الجبهة إنها تضمّ نحو ثلاثة آلاف عضو في جميع أنحاء البلاد، لكن يستحيل التحقق من هذا الرقم.ويعتبر مدير برنامج دراسات منطقة آسيا في مركز ويلسون الأميركي مايكل كاغلمان أن جبهة المقاومة الوطنية "تملك إرادة القتال لكن لا قدرة لديها" على القيام بذلك، مشددًا على أن "شريحة كبيرة" من قادة الجبهة ومقاتليها موجودون في الخارج، لا سيّما في طاجيكستان المجاورة.ويقول "من أجل أن تكون جبهة المقاومة الوطنية مجموعة فعّالة حقًا، يجب أن تحصل على مزيد من الدعم الخارجي العسكري والمالي".ولا يزال التهديد الآخر لسلطة طالبان يتمثل في فرع تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان الذي بدأ ينشط منذ العام الماضي، من خلال زرع قنابل وتنفيذ هجمات انتحارية واستهداف أقليات دينية أفغانية خصوصًا الأقلية الشيعية، بدلًا من مهاجمة مقاتلي طالبان بشكل مباشر.وتحاول طالبان التقليل من التهديد الذي يشكّله تنظيم الدولة في ولاية خراسان من خلال شنّ معركة ضده واعتقال مئات لرجال المتّهمين بالانتماء إليه.وتؤّكد حركة طلبان منذ أشهر أنها هزمت تنظيم الدولة في ولاية خراسان، لكن يرى محللون أن المجموعة المتطرّفة لا تزال تشكّل التهديد الأمني الأبرز بالنسبة لحكومة طالبان.ويرى كاغلمان أنه من الممكن لجبهة المقاومة الوطنية أن تستفيد من تكثيف الهجمات على تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية خراسان.ويضيف "إذا رأى الأفغان تفجير الدولة في ولاية خراسان لعائلاتهم (...) فقد يؤدّي ذلك، على ما أعتقد، إلى توجيه ضربة كبيرة لشرعية طالبان وقد يفيد ذلك قوات جبهة المقاومة الوطنية ويمنحها فرصة" لطرح نفسها كبديل.

1