أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
بوتكس وكسر الأنف ونفخ الصدر والمؤخرة: جويل تقدم السعادة المفقودة للمرأة العربية!!
بقلم : أسمى العطاونة  ... 24.04.2014

قررت مؤخرا أن أنهي فترة المقاطعة بيني وبين مشاهدة المحطات العربية لأستطيع أخيرا مواجهتها بكل هدوووء، فأنا ممن يعتقد بأن المواجهة هي الطريقة الوحيدة والسريعة للتخلص من المشكلة من جذورها.
مشكلتي مع المحطات العربية كبيرة ومتشعبة، ولن يتسنى لي تقديم الحلول بمجرد كتابة عدد محدود من الكلمات والسطور.
بدأت ببرنامج دسم، شاهدته مؤخرا وهو ‘جويل’، يبث على قناة ‘أم بي سي’، ويحمل اسم المقدمة نفسها، جويل مريديان، خبيرة تجميل في لندن (وركزوا على لندن)، فمجرد ذكر المدينة الغربية يعد ‘إكزوتيكيا’ لمشاهدة عربية نمطية، بل ويعطي مقدمة البرنامج شهادة إثبات قوية، في وجه كل من يشاهدها ويحاول التشكيك بخِبرتها وصدقها في ما تقوله.
البرنامج يتمحور حول اختيار ‘امرأة عربية’ مغلوب على أمرها، ساذجة، ومحاطة بهموم لا تحصى، وتحلم بتحقيق حلمها الأمريكي تماما كحلم ‘فوريست غامب’ المعاق، بالركض، لتكسب حب زوجها ‘سي السيد’ و’مجتمعها’ الذي يمتنع عن النظر إليها، لأنها بنظره لا شيء، ولكي تخطف الأنظار، وتفرض نفسها على المجتمع، فلا بد لها أن تتشبه بالنجوم، لتصبح هي أيضا ‘نجمة’ كجويل وهيفا ومايا وأليسا و و وô
ومن شدة رقة قلب جويل وكرمها الزائد عن حده، وتفهمها وتضامنها مع ‘الضحية’ البدينة والبشعة، والمثقلة بالهموم، تقوم، وباستخدام خلطاتها السحرية وشعوذتها، وبمساعدة خبراء ‘سيانتِست’ غربيين وعرب ‘شاطرين’ لا يرون في المرأة العربية، سوى سلعة ‘ماركتنغ’ رخيصة، تجارية، سخيفة، سطحية وساذجة، ستتبع نصائحهم وتنفذها ‘بالحرف الواحد’ فتقوم بشراء كل ما سوف يحوّل حياتها إلى جنة خالدة!
الكل يريد مساعدة ‘الضحية
كلهم طبعا هدفهم واحد وهو مساعدة المرأة العربية ‘الضحية’ في تحقيق أحلامها في أن تصبح شيئا يلحظه ويراه الناس من حولها.
تذكرني جويل بالجنية في حكاية سندريلا، فهي تستطيع تحويل ‘خادمة المطبخ’ الممتلئة من كثرة الانجاب، المرهقة من الأعمال المنزلية، والكئيبة من كثرة مشاكلها الزوجية والاجتماعية، لـ ‘نجمة إم بي سي’ تقتحم المجتمع العربي بأسره، وبمن فيهم زوجها واقرباؤها، للنظر عن قرب لمأساتها الإنسانية.
وكيف ستنجح بالحد من مأساتها شيئا فشيئا بمجرد أن يحالفها الحظ ويتم اختيارها لتكون ‘نجمة جويل القادمة’ فتبدأ بتجربتها هذه، في إقناع غيرها من الحالمات التعيسات، بأنهن أيضا كنساء ‘عاديات مثلها’ قد يحالفهن الحظ ويصلن لمكانها، ويغيرن حياتهن ويقمن بشراء كل ما يلزمهن من كريمات وماكياج وفساتين ويخضعن لعمليات تجميل جراحية، فيجدن حلا جذريا يجعلهن أسعد نساء في العالم بأسره.
مؤخرة كرديشيان و’شحبرة’ العيون
الفضل يعود بالطبع لـ ‘جويل’، التي كانت عنصرا رئيسيا في اقناعهن، وستقنعهن كذلك في تغيير شكلهن الخارجي لتُحَل مشاكلهن جميعها، فتبدأ جويل بتغيير شكل المشاركة الخارجي، فهذا ما يهم المجتمع العربي، لتعيد إليها ثقتها بنفسها، وتريح نفسيتها المتعبة، وتقضي على معاناتها بدقائق محدودة.
وينقسم برنامج ‘الجنية’ جويل لعدة فقرات، أولها يعرض لنا كيفية اختيار وانتقاء ‘الضحية المسكينة’ بعناية تامة، حيث تختصر الضحية مأساتها ومأساة بنات جنسها على المظهر الخارجي، فمشاكلها كلها تعود لخفة الشعر وكبر الأنف وحجم الصدر الصغير والمؤخرة التي لا تشبه أبدا مؤخرة ‘كرديشيان’.
وخلال روايتها لما يؤرقها ويبكيها، تُصاحَب الضحية بموسيقى حزينة لتجعلنا نعيش جو الحزن نفسه، فنتعاطف معها منذ البداية، وحتى جويل ذات القلب الكبير والحس المرهف، لم تستطع أن تمنع نفسها من إراقة الدموع بقدر كاف يمنع ‘الماسكرا’ من ‘شحبرة’ العيون.
وبعد هذا الجو المحزن، تؤخذ الضحية في رحلة فحص تحت مجهر ذي عدسة مكبرة في عيادة ‘جويل’ المتخصصة، أجل جويل أيضا ‘طبيبة’، ولها عيادة باسمها، لتلتقي بطبيب أسنان، يذكرني بشخصية ‘ريّا وسكينة’ يفحص أسنانها ليساعدها في الحصول على ابتسامة جذابة.
وفي الفقرة الثالثة، وبعد الاستماع الجيد لدرس جويل التجميلي ‘جويل مُدَرِسة تجميل أيضا’ وبعد أن سجلنا ‘ماركة’ مستحضرات التجميل ‘ماكس فاكتور’، الأفضل على الإطلاق بشهادة نساء أجنبيات ‘إكزوتيك’ جَرَبْنَها وَعَشِقْنها، تعيدنا الكاميرا للمُشارِكة المسكينة، وتنقل لنا الحدث في غرفة العمليات الجراحية، لنتابع عن قرب وفي غرفة العمليات، مظاهر الخوف والقلق لديها مُصاحَبين بموسيقى مختلفة هذه المرة، تبعث في صدورنا التوتر، الخوف، القلق والحشرجة، لنراها قبل إخضاعها لعملية حقن بالبوتكس، وكسر الأنف، ونفخ الصدر والمؤخرة. وأخيرا لم يبق بينها وبين الحلم وبيننا سوى خطوات، فسرعان ما ستخرج البدينة، نحيفة، والقصيرة طويلة، والبشعة جميلة.
مصفّفة شعر أيضا!
وبعد انتهائها من مراحل التعذيب هذه، تزور المشاركة، صالون جويل ‘جويل مصففة شعر أيضا’ لتختار ‘مُجْبَرة’ تُصاحِبها ابتسامة عريضة ما تراه جويل وخبيرها ‘الأجنبي’ المتخصص بالشعر، مناسبا لها من لون وشكل.
بل وتستضيف جويل ‘الساينتست’ المتخصص بالشعر والمتحدث بالإنكليزية أيضا ‘لضمان المصداقية’، ليحدثنا عن مدى ضرورة استخدام الشامبو بماركة ‘بانتين’ للشعر بدلا من شامبوهات أخرى، لأنه أفضل نوعية، فحتى جويل نفسها قامت باستخدامه على حد قولها، فَحَوَلَ شعرها إلى شعر صحي وجميل خلال14 يوما فقط من استخدامه.
ونهاية لهذا العرض اللا متناهي من الماركات والسلع التجارية الخاصة بالمرأة، وحديث المتخصصين الأجانب، والزيارات المتعددة لكلينيك جويل، وصالون جويل، واستوديو جويل، وبعد حرب الأعصاب اللامتناهي بين المشاهد والموسيقى والمُشارِكة والكاميرا، ننتقل وأخيرا، بكثير من الإثارة والتشويق إلى ما قبل النهاية بدقائق، لمشاهدة نتيجة سحر جويل، لنرى عن قرب ما آلت إليه الُمشارِكة، نحن وخاصة النساء منا، نريد أن نرى ونصدق ونصفق ‘غِصْب عنا’ وشئنا أم أبينا بأن لمشاكلنا الإجتماعية حلا يكمن بمهارة جويل، حلا يعود إلينا بعد الفاصل.
ونهايةً، نعود إلى الاستوديو لننظر بعد مرور الإعلان لخلق مزيد من التشويق، فنَحِل ضيوفا كما أهل الضحية، وأقاربها وجيرانها وحارتها، لنرى الأميرة الجميلة، المنتفخة، والمتبرجة، فتسألها جويل بكل تلقائية وعفوية ‘قبل ما ورجيكي حالك وكيف صرتي، قوليلي شو رأيك بصورتك هيدي اللي كانت بأول البرنامج؟’ فتجيب الضحية ‘ هاي مش أنا، أنا ما بحبها لهاي الإنسانة اللي بالصورة، هاي ولا شي’، وبعدما تأمر جويل المرآة السحرية باللف والدوران لترى المشاركة أخيرا هي الأخرى، تغييراتها الجسدية والشكلية الجديدة، تخبرها جويل محذرة ‘بس بليز ما توقعي’، فتصرخ المشاركة غير مصدقة لما ترى ‘ما مصدقة! هاي مش أنا! أنا، أنا كتير مبسوطة، وأخيرا راح تتغير حياتي، أخيرا مش راح إتخبى من الناس، أخيرا مش راح إهتم لحكي الناس، أخيرا راح ورجي حالي بكل ثقة’.
جويل دعيني أشكرك نيابة عني وعن بنات جنسي، بنهاية مقالي هذا، ودعيني أشكر تُجَار ‘بانتين’ و’ماكس فاكتور’ وعيادتك ومستشاريك، و’السيانتست’ الأجانب، وبرنامجك العميق، فأخيرا وبفضل مساعدتك، وجدنا الحل الفعال للقضاء على مشاكلنا الخاصة، ومشاكل المرأة العربية عموماً من جذورها. جويل ‘بصراحة’ همومنا بوجودك صارت أحلى.

* كاتبة من فلسطين تقيم في فرنسا

المصدر : القدس العربي
1