“أسوأ أشكال عمل الأطفال” هكذا وصفت دراسة مشكلة الأطفال الذين يعيشون ويعملون في شوارع لبنان.
وقالت الدراسة دولية التي شاركت منظمات أممية في إعداداها حصلت وكالة الأناضول على نسخة منها اليوم الاثنين إن أربعة عوامل رئيسية تؤدي إلى عيش أوعمل الأطفال في شوارع لبنان وهي الاستبعاد الاجتماعي وهشاشة وضع الأسرة وتدفق اللاجئين السوريين إلى لبنان والجريمة المنظّمة واستغلال الأطفال.
واستقبل لبنان أكثر من 1.1 مليون سوري هربوا من النزاع الدامي الذي تشهده بلادهم منذ منتصف مارس/آذار 2011، بحسب إحصائيات للأمم المتحدة.
وبناء على طلب وزارة العمل اللبنانية، أجرت منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة إنقاذ الطفل الدولية الدراسة لفهم الأسباب وراء عيش وعمل الأطفال في الشوارع مثل التسوّل والتجارة وتقديم الخدمات في الشارع، فضلاً عن أشكال من الأنشطة غير المشروعة وغيرها.
وصرح نائب المدير الإقليمي لمنظمة العمل الدولية للدول العربية فرانك هاجمان:”بدعم من منظمة العمل الدولية لوزارة العمل والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية الأخرى، تم تحديد عمل الأطفال في الشوارع كأولوية للتدخل”.
وأضاف: “على الرغم من أن ما يقارب ثلاثة أرباع هؤلاء الأطفال يأتون من سوريا، إن انتشار الأطفال الذين يعيشون ويعملون في الشوارع يشكل تحديًا على المدى الطويل في لبنان. إن نتائج هذه الدراسة الجديدة ستسمح لمنظمة العمل الدولية العمل بشكل أكثر فاعلية مع شركائها لإبعاد الأطفال عن الشوارع وتوفير لهم مستقبل أفضل”.
وبينما أدى التدفق الأخير للنازحين من سوريا إلى زيادة عدد الأطفال في الشوارع أظهرت الدراسة أن النزوح ليس السبب الأساسي لهذه الظاهرة.
وأدت الأزمة السورية إلى انخفاض معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي في فترة 2011 – 2014، وتقدر الخسائر التراكمية وفق دراسة أعدها فريق من الخبراء اللبنانيين بـ 9.6 مليار دولار ، ما يوازي خسارة الفرد الواحد 2400 دولار.
ولكن هذه التقديرات اختلفت عن تقديرات البنك الدولي والتي حددت الخسارة المتراكمة بنحو 7.5 مليار دولار، وبما يعادل خسارة الفرد الواحد 1800 دولار، أما تقديرات خبراء “اسكو” فقد كانت الأعلى حيث بلغت الخسارة التراكمية 11 مليار دولار وبما يعادل 3000 دولار للفرد اللبناني.
وأشار تقرير البنك الدولي إلى أن الأزمة السورية سببت بتقليص الايرادات العامة للدولة بنحو 1.5 مليار دولار خلال الفترة 2012 -2014، وإن المطلوب لإعادة الوضع وتثبيت الاستقرار في الانفاق على صعيد الخدمات 1.4 مليار دولار، إضافة إلى 1.1 مليار دولار للبنية التحتية.
وقالت ممثلة منظمة اليونيسف في لبنان أناماريا لوريني:”يتعرض الأطفال في الشوارع لجميع أشكال الاستغلال والإيذاء في حياتهم اليومية، فضلا عن المخاطر المهنية.. إن أولوية اليونيسف هي خلق بيئة توفر الحماية حيث تُخفف القوانين والخدمات والممارسات من تعرض الأطفال للخطر. وتلتزم اليونيسف بالعمل مع الجهات الفاعلة الرئيسية والحكومية في منع ومعالجة القضية”.
وكشفت منظمة العمل الدولية في تقرير حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه اليوم الاثنين إن الدراسة شملت إجراء مقابلات مع 700 طفل في الشوارع من مجمل ما يقارب 1510 طفل في العينة التي تغطي 18 قضاء.
وذكرت الدراسة أنه جرى العثور على الغالبية العظمى من الأطفال الذين يعيشون و/ أو يعملون في الشوارع في المدن خاصة في بيروت وطرابلس.
و أظهرت الدراسة أن ثلثي الأطفال في الشوارع في لبنان هم من الفتيان، تتراوح أعمار أكثر من نصفهم بين 10 و14 عامًا.
وقالت الدراسة إن المسألة تُعتبر معقدة للغاية نظرًا لارتباطها بقضايا الإتجار بالبشر والأنشطة غير المشروعة الأخرى فضلاً عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والقانوني للأطفال المتضررين.
وأعلن ممثّل منظمة إنقاذ الطفل الدولية في لبنان إيان رودجرز:”أن انتشار الأطفال الذين يعيشون و/ أو يعملون في الشوارع قضية طويلة الأمد وتشكل تحديًا مستمرًا مرتبطا بقضايا اجتماعية واقتصادية أكبر في لبنان”.
وأضاف:”نحن ملتزمون باتفاقية حقوق الطفل وخاصةً حق الأطفال في التعليم والحماية من العمل الضار. وسوف تستمر منظمتنا بالعمل مع الحكومة والمجتمع المدني ذات الصلة لعدم ترك الأطفال في الشوارع″.
وأوصت الدراسة بتنسيق الجهود بين الحكومة اللبنانية والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لإبعاد أكبر عدد ممكن من الأطفال من الشوارع وإعادة تأهيلهم ومنع استغلالهم.
وأُطلقت الدراسة في بيروت تحت رعاية وبحضور وزير العمل اللبناني سجعان قزي وبمشاركة نوّاب برلمانيين وممثلي وكالات الأمم المتحدة والوزارات والسفارات ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
دراسة دولية: أربعة عوامل وراء ظاهرة أطفال الشوارع في لبنان!!
بقلم : حسين عباس ... 16.02.2015