حملت إلينا الأخبار صبيحة هذا اليوم الأول من رمضان نبأ سارا عن أسرى الحرية والكرامة، وهو التوصل مع إدارة سجون العدو الصهيوني على تعليق إضرابهم مقابل تحقيق الكثير من طالبهم.
أضرب الأسرى الأبطال، وبذكاء رفعوا مطالب إنسانية عادلة، وفاجأوا قادة الكيان الصهيوني الذين ردوا على الإضراب بتصريحات عنصرية استعلائية مسعورة: دعوهم يموتون، اقتلوهم، لا تستجيبوا لطلباتهم..الخ.
ثم عمد قادة الكيان، وآلته الإعلامية، إلى محاولة تشويه قادة الإضراب، وفي مقدمتهم الأخ المناضل مروان البرغوثي، ومحاولة الالتفاف على دوره، واستبعاده، ولكن الأسرى تشبثوا بدوره القيادي، ورفضوا التفاوض بدونه، ورغم عزله، والحملة التشويهية، صمد الأسرى الأبطال، وواصلوا إضرابهم الأسطوري حتى اليوم الأربعين، وهددوا بتصعيده، والمطالبة باعتبارهم أسرى حرب، ورغم حرارة الطقس في هذا الصيف، فقد هدد كثيرون منهم، وفي مقدمتهم الأخ مروان بالإضراب عن شرب الماء، وهو أخطر درجات الإضراب. ماذا حقق الأسرى الأبطال بإضرابهم؟
أولاً: بهذا الإضراب تحدى الأسرى الأبطال حالة الصمت واللامبالاة بمصيرهم، وما يتعرضون له من قسوة ممارسات إدارة السجون، التي أرادت أن تستغل الظروف الفلسطينية والعربية والدولية لتستفرد بهم، فكانت المفاجأة التي أربكت إدارة السجون، وقادة الكيان الصهيوني: إضراب الحرية والكرامة.
ثانيا هي رسالة لشعبنا، وفي هذه الظروف، بأن المقاومة هي خيارنا، وبكل الأشكال الممكنة والضرورية، وأن يضع الأسرى حياتهم على أكفهم وأن يواجهوا الاحتلال بالمعد الخاوية، وأن يضعوا الاحتلال أمام خيار: الموت..أو الحريّة، فهذا ما افقد قادة العدو اتزانهم، وقدرتهم على تحمل ما فجّره الأسرى محليا وعالميا، وقد رأينا كيف بدأت جهات عالمية في الانحياز لهم، والتعاطف معه، وهم ما يخسّر الاحتلال الصهيوني العنصري..وهكذا تحوّل الإضراب إلا فعل موقظ لشعبنا لتأجيج غضبه وتحركه والتهيؤ لتصعيد انتفاضته في مواجهة تغوّل الاستيطان وعمليات الدهم، وتهويد القدس، والتنكر لحقوق شعبنا باستهتار يشجع عليه ( تطبيع) جهات عربية رسمية تقودها السعودية وقطر.
ثالثا: هذا الإضراب حمل رسالة لكل الجهات العربية المتآمرة والمتصهينة بأن شعب فلسطين لن يركع، وأن أبناءه وبناته السجناء والسجينات، ومن داخل الزنزانات، يرفعون راية فلسطين، ويتشبثون بقضيتهم وبوطنهم وبحريتهم وبكرامتهم.
رابعا: هناك مشاركون في الإضراب من فتح، الشعبية، بقيادة المناضل أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية، والجهاد، ومن المستقلين، وكان الطبيعي أن يشارك كل الأسرى في الإضراب، ولكن حماس خذلتهم، وخذلت شعبنا، وبرهنت قيادتها على قصر نظرها، وعصبويتها، وضعف انتمائها لشعبنا الفلسطيني، وانعدام حرصها على الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال الصهيوني، فالأسرى المنضوون تحت لوائها أحجموا عن المشاركة، في حين وجهت قيادات الحركة التحية للأسرى المضربين..يا للنفاق والتضليل والكذب! ولكن شعبنا نفر من سلوكهم، وانشقاقهم، وفئويتهم، فهم يستكثرون أن ينتصر الإضراب بقيادة غير قيادتهم!
علمنا أن التفاوض بين قيادة الأسرى، وفي مقدمتها الأخ مروان البرغوثي وإدارة سجون الاحتلال تواصلت عشرين ساعة توّجت بالاتفاق على الاعتراف بأهم حقوق ومطالب الأسرى الأبطال...
وحتى اللحظة فهذا انتصار كبير، وليس لأحد أن يزاود على الأسرى، أو يُنظّر عليهم، أو يطرح عليهم مقترحات، فهم يعرفون ماذا يفعلون، وما حققوه، ونحن يجب أن نحييهم، وأن نعتز بهم، وأن يشكرهم كل شعبنا في فلسطين المحتلة، وفي كل أنحاء العالم، فهم برهنوا على صلابة الإنسان العربي الفلسطيني، وعلى مدى استعداده لافتداء فلسطين، وعلى إعلاء قيم الحرية والكرامة في وجه الاحتلال الصهيوني، والتآمر العربي الرسمي، وحقارة الدور الأمريكي الصهيوني، ونفاق الغرب الاستعماري...
ستبقى فلسطين هي الموّلد_ الدينمو الذي يوّلد الطاقة الثورية في أمتنا العربية، إلى أن تتحرر، وينتصر شعبنا، وترتفع راية فلسطين في سمائها من النهر إلى البحر.
المجد للأسرى الأحرار أبطال الحرية والكرامة.
والتهاني لشعبنا الحر الأصيل بهذا الانتصار الذي يسهم في مراكمة انتصارات شعبنا على طريق النصر الكبير المؤزّر، شعبنا الذي لا يمكن أن يُقهر، ولا يمكن أن تمر عليه مؤامرات الخونة والساقطين.
وفي الختام لي كلمة، احسب أن كثيرين من أبناء وبنات شعبنا يشاركونني فيها: لا بد من تحرير الأسرى الابطال ، فليكن هذا هو البند الأول على قائمة أهداف الفصائل.
انتصار أسرى الحرية والكرامة
بقلم : رشاد أبوشاور ... 27.05.2017