أحدث الأخبار
الثلاثاء 26 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
كفر كما والريحانية موطن الشركس الرئيسي في فلسطين!!
بقلم : الديار ... 29.06.2017

كان عام 1878 هو العام الذي شهد بدايات الوجود الشركسي في فلسطين، وذلك خلال عهد الامبراطورية العثمانية، عندما وفدت مجموعات منهم إلى فلسطين من منطقة «مارويل» الواقعة على الحدود اليونانية البلغارية، بغرض استفادة الحكومة العثمانية من قدراتهم الحربية في المعارك التي كانوا يخوضونها في أوروبا الشرقية والبلقان، لكن الهزائم المتوالية التي لحقت بالعثمانيين أمام الروس وحلفائهم الأوروبيين أجبرت الحكومة العثمانية على ترحيل الشركس، ونقلهم من أوروبا الشرقية إلى شبه جزيرة الأناضول وبلدان المشرق العربي ومنها فلسطين.
وسكن الشركس في قريتين، الأولى كفر كنا الواقعة على بعد 12 كم إلى الشرق من بحيرة طبريا، وسكانها من قبيلة «شابسوغ»، والثانية هي بلدة الريحانية بالقرب من الحدود وسكانها من قبيلة «إبزاخ». وحسب دراسة أعدها حنا عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية في القدس المحتلة فإن الشركس في فلسطين ينتمون إلى أربع قبائل، تتفرع منها 46 عائلة، وأكبر القبائل هي قبيلة شابسوغ التي تمثل غالبية سكان قرية كفر كنا وجزءا من قرية الريحانية.
وعاش الشركس جميع الأحداث التي جرت في فلسطين منذ استقرارهم فيها. وفي عام 1948، وعلى أثر نكبة فلسطين لجأ عدد من شركس فلسطين إلى سوريا، حيث كانت الروابط الدينية والإسلامية تشدهم إلى أهل البلاد إضافة إلى تشابه نمط المعيشة الزراعية ـ الرعوية الذي كان يمارسه الشركس والعرب، إلا أن الشركس لم يتماهوا تماما مع المجتمع الفلسطيني المحلي وظلّوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم الخاصة.
وحسب ما تم توثيقه فإن العثمانيين قدموا المساعدة للشركس للاستيطان في بلاد الأناضول سنة 1878 وفي بلدان المشرق العربي، فوصل الشركس إلى سوريا وفلسطين ثم تركزوا في الأردن. ومنحتهم الدولة العثمانية أراضي حول منطقة بيسان على نهر الأردن في فلسطين، ومنها انتقلوا إلى خربة كفر كنا التي صارت في ما بعد قرية قرب الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية، ثم أنشأوا قرية الريحانية. واستوطنت جماعات أخرى منهم خربة شركس وخربة سطاس قرب مدينة الخليل منذ سنة 1878.
أما أكبر تجمع للشركس فهو في الأردن. ومعظم هؤلاء وفدوا إلى الأردن من فلسطين التي كانوا قد وصلوا إليها بالبواخر العثمانية التي أنزلتهم في ميناء حيفا، ثم جرى إسكانهم في أراضي المستنقعات المحيطة بمدينة بيسان.
وبعد النكبة مباشرة واحتلال أراضي فلسطين في عام 1948 غادرت فلسطين نحو 20 عائلة شركسية واستقرت في قرية مرد السلطان شرق مدينة دمشق كلاجئين فلسطينيين. أما القسم الأكبر من الشركس فقد بقي في فلسطين المحتلة وخضع مثل البقية لظروف الاحتلال، وقاسوا عمليات الطرد ومصادرة الأراضي. ففي اكتوبر/ تشرين الأول 1953 طردت السلطات الإسرائيلية سبع عائلات شركسية من قرية الريحانية. وفي سنة 1957 غادرت عدة أسر إلى تركيا هرباً من عسف الاحتلال. وتقلصت مساحة قرية كفركنا الشركسية من نحو 8500 دونم إلى نحو 6500 دونم، وأراضي قرية الريحانية من 6000 دونم إلى 1600 دونم بسبب المصادرة.
في عام 1931 بلغ عدد الشركس في فلسطين قرابة 866 شخصاً، ووصل عددهم إلى 950 شخصاً في عام 1945 ثم انخفض إلى 806 أفراد إثر نكبة فلسطين عام 1948 بسبب لجوء عدد من العائلات الشركسية إلى سوريا وتركيا. وفي عام 1969 وصل عددهم إلى 1745 نسمة. والآن يبلغ عددهم حوالى 5000 نسمة منهم 3200 يسكنون في قرية كفر كنا و1800 نسمة في قرية الريحانية.
والشركس هم مسلمون، فعلاقتهم مع دينهم وثيقة، كما ان علاقتهم مع أبناء جنسهم متينة، فهم محافظون ولباسهم محتشم، ولا تباع الخمور في محالهم ولا تشرب في بيوتهم، ويرسلون زكاة أموالهم الى إخوتهم الشركس في القوقاز وتركيا والشيشان، ويقومون بحملات الإغاثة لإخوتهم المسلمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتستخدم الأبجدية القومية الشركسية المستعملة في القفقاس في دروس تعليم اللغة الشركسية، أما القاطنون في قرية الريحانية والقريبين من خط الحدود العربي فيمكنهم إرسال أولادهم إلى المدارس اليهودية أو العربية على حد سواء.
ويمكن للشركس من سكان فلسطين الاستفادة من خدمات البلدية والخدمات العامة كسائر السكان الآخرين، كما يمكنهم تقلد وظائف في مختلف المجالات وفي المؤسسات العامة. ولا تزال اللغة الشركسية تستعمل كوسيلة للتواصل داخل المجتمع بين الشراكسة.

المصدر : القدس العربي
1