بقلم : د.فاروق مواسي ... 09.10.2009
[**ألديك الحذر يقع في الشبك المكين ..وقعت في الفخ بعد عملية نصب محكمة]
اتصل بي في مطلع سنة 2008 شخص سمى نفسه محمد عبد العزيز التويجري، وقال إنه مندوب الأوسسكو التابعة للأونسكو – الأمم المتحدة ، وأنه يقيم في السعودية ، حيث يدير مكتبًا هامًا للتواصل مع العرب وثقافتهم ، وكم بالحري مع فلسطين.
وأظهر التويجري معرفة وتفاصيل عني وعن موقعي وعن نشاطي الثقافي والأدبي، وادعى أنه لا يعتمد إلا علي في الداخل، فأنا في رأيه الموضوعي والعملي، وأنني الأولى في مشروع إعداد تسجيلات لأدباء وشعراء في الداخل.
ورغم أنني اعتذرت بسبب الوقت إلا أنه ألح وألح، وقال ما قال مقرظًا ومادحًا وراجيًا، وقال إن المشروع سيبدأ بعد أشهر، فلا أتعجل في اتخاذ القرار .
وحتى تتم الحلقات وتكون محكمة اتصل ثانية وثالثة، وقال إن الأمر في طور الدراسة، وما علي إلا أن أبدأ في إعداد قائمة الأسماء، وسيتصل بي بعد شهر.
اتصل بي في 11 /11/2008 ليقول لي إن شخصًا فلسطينيًا يدعى سامي الصفوري (انظر الصفوري!! ) سيتصل بي حال وصوله إلى مطار اللد غدًا، فهو يحمل جوازًا أمريكيًا ، وسيقيم أسبوعين، وسيجد الوقت للاتصال بي لجلسة عمل، وأنني لن أكلف نفسي في الأمر رهقًا ، فلدى سامي مساعدون من موظفي الأمم المتحدة، وتحت تصرفه ميزانيات، وكل دولار سأدفعه سيغطيه، فالميزانية مخصصة لذلك، بل إن أتعابي كلها ستدفع مع رسالة شكر وتقدير من الأمم المتحدة، فهذا مشروع جليل، ومن مثلك أهل لأن يقوم بذلك؟؟!!
اتصل سامي في اليوم التالي، وذكرني أنه هو الذي انتدبه التويجري للقيام بالمشروع، وأنه سمع عن كرمي وأصالتي ، وأنه يحدثني من ميامي، فحقائبه بقيت في الطائرة التي تصل من واشنطن، وذلك لضرورة التفتيش، وبسبب كونه فلسطينيًا...وأنه هو وزوجته في المطار ينتظران وصول الحقائب. والمشكلة أن الطائرة التي ستقلع إلى تل أبيب ستسافر بعد ست ساعات. وادعى أن البطاقة تغيرت، وأنه ملزم بدفع فرق الأسعار ، وهو 789 دولارًا عن كل بطاقة .
المهم لم أعمل تفكيري ، فاندفعت بحماسة، وأبديت استعدادي لأن أدفع في الويسترن يونيون مبلغ 1578 دولارًا.
فتوجهت إلى البريد، فوجدته مغلقًا. وكانت استراحة الساعات الثلاث ظهرًا كافية لإعادة النظر، لكني شعرت بواجب مثقل علي، وليكن ما يكون!
ورغم أن أم السيد نبهتني إلى احتمال وقوعي في عملية نصب واحتيال إلا أنني قلت لها : " أنا أفترض أنه ابن سبيل ، فإن كان حقًا فقد كسبنا ، وإن كان باطلاً فسيكون المبلغ حسب النية - والأعمال بالنيات - صدقة. ثم لدي شعور أن مالي حلال فلا يذهب هدرًا.
اتصلت بالرجل ليقدم رقم الحساب في الويسترن يونيون، فلم يصدق، وكان وهو يقدم لي الرقم كأنه يبكي ، وتحدث كم هو مدين بالفضل لي، وأنه حال وصوله إلى الفندق في القدس سيوافيني بالمبلغ شاكرًا، وأنه ينتظر اليوم الذي سأزور فيه الولايات المتحدة فسيفعل المعجزات لإسعادي.
دفعت المبلغ دون أن يطرف لي رمش عين.
وفي اليوم التالي اتصل بي الصفوري ليقول إنه نزل في فندق(أمريكان كولوني) في القدس، وأنه سيحضر بعد يومين إلى باقة الغربية، وسألني عن طريقة استئجار السيارات هناك ، وكم يكلف عادة؟ وكم تستغرق الطريق؟
لم يتصل الرجل بعد يومين ولا ثلاثة، فما كان مني إلا أن اتصلت بالفندق لأستطلع عن نزيل اسمه الصفوري، فأنكر الفندق وجود أي شخص عربي في هذه الفترة السياحية.
اتصلت بعدها على الرقم الذي زودني به، وهيهات، ثم هيهات، ثم هيهاااات!
اتصلت بالتويجري في الرياض، وكان قد ترك رقم مكتبه، وهيهات، هيهات، هيهااااات!
لم أندب حظي، فكتبت رسالة إلى الوسترن يونيون وهي الشركة التي تحول المبالغ، وطلبت تفاصيل التسلم ، و خاصة عنوان المـتسلم، وذلك للتوجه للأنتربول، وأخبرتهم عن هدف الدفع
( فالمسائل الأمنية هي كذلك بالمرصاد، ومن يدري فلعلي أرسلت دعمًا ماديًا لعدو، وعندها.. ). كما أخبرتهم أنني لن أتوانى عن المطالبة بحقي، فلن يضيع حق وراءه مطالب.
**وكانت المفاجأة :
في 29/11/2008 اتصلت بي سكرتيرة الوسترن يونيون لتسألني إن كنت أنا الذي قدمت الشكوى؟
فلما تيقنت مني أخبرتني أن المبلغ سيعاد إلي مع الفائدة البنكية.
ظننت الأمر دعابة ثقيلة ، لكنها قالت إنني أستطيع الآن التوجه إلى المكتب في بلدي والحصول على المبلغ.
وفعلاً تم لي ذلك ، وكانت الدولارات أكثر مما دفعت بسبب فروق العملة، وكانت الأوراق جديدة لها صوت مميز هذه المرة.
وحتى الآن لم أعرف كيف عاد المبلغ ؟
هل بسبب تأمين الشركة، وأنها تبغي الحفاظ على سمعتها، والامتناع عن الدخول في قضايا وشكاوى؟
هل لاحقت الشركة الشخص واسترجعت المبلغ، خاصة وأن المحتال شكرني و" طمأنني " عن وصول المبلغ؟
أو ربما أن المبلغ لم يسلم في الأصل ، لسبب من الأسباب، وأن المحتال طمأنني بوصول المبلغ كذبًا حتى يخلو له الجو للمراوغة أكثر في استحصال المبلغ؟
ألم أقل لكم إن مال الحلال لن يذهب هدرًا ؟
بشرت زوجتي وكان تؤدي مناسك الحج، وكانت قد عاتبتني كثيرًا على "كرمي الزائد" – وأنتم تعرفون عتب النساء- ، فقالت لي : " لا أصدق ، ولكن يبدو أن الدعاء لك مستجاب؟!
**تتمة عجيبة:
في نيسان 2009 رن الهاتف ، فإذا بالتويجري نفسه يهاتفني. قلت في نفسي : لعله اعتذار، فلأسمع!
أعاد التويجري الكلام نفسه، وأنه ينوي وأنه .....( نسي صاحبنا أنه اتصل بي ، ويبدو بسبب الكثرة ). قلت له :
أنا رئيس قسم اللغة العربية في أكاديمية القاسمي في باقة ، وحبذا الاتصال بي في مكتبي، وكنت أحاول بذلك أن أستدرجه لأؤنبه أيما تأنيب. لكنه اتصل بسكرتيرة الأكاديمية، وطلب التحدث مع المدير، فهو من الأوسسكو، وأن لديهم ميزانيات ضخمة، وأن....
وجهته السكرتيرة إلى مكتبي، وما أن سألته بلهجة ساخرة اشتَمَّها:
أنت متأكد أن لديك هذه المشاريع؟
حتى انقطع الخط بصورة مفاجئة.