بقلم : هيفاء حيدر ... 14.04.2010
كثيراٌ ما يتم تناول قضايا المرأة و العنف الواقع عليها من حيز ثنائي النظرة , و كأن الأمر لا يتعدى أنه واجب أخلاقي فرض بحسب الظروف الأنية التي نعيشها يتبدى في ضرورة الكتابة لا من أجل الموقف بل من أجل اظهار أحد جوانب الثنائية في العلاقة و الرد في حال مواجهة السؤال القائل ألم يحن الوقت للتوقف عن الكتابة حول النساء و همومهن ؟
و الحديث عن قصص العنف يستوجب علينا بالضرورة أن نتطرق من منظورنا نحن النساء كذلك للزوايا التي ما زلنا نلمس بها جوانب التهميش , و ليس هذا فحسب و أنما رؤية قضية العنف بشكل متكامل غير مجزوء بتلك التفاصيل التي تستغرق الموضوع برمته و تبتعد بالقضية عن جوهرها و ما تستثنيه من أطر العلاقة و ليس ما تتضمنه من عناصر , أي على من ينظر للثائية من منظور أحادي أن يرى كذلك تلك الأشياء التي لا تقال و تبقى مخفية أو مغطاة يكتب لها أن تظل في الأعماق كامنة تنتظر من يحركها و يكتب عنها هذا الذي يجري في سردنا لقصص العنف الذي نعيش , تلك التفاصيل التي تشكل ما مجموعة صلب الأمر الذي تتمحور عليه و على جوانبه تتحرك القصص و الحكايات المسكوت عنها أو الغير مرغوب بالحديث عنها لهذا الأمر أو ذاك .
انها محتويات الحاضر الغائب في الخطاب النسوي ومن يكتبون حوله , ما يتم استثناءه و ما لا يتم الحديث عنه , ما تدمغه الثقافة الأجتماعية بأنماط متعددة لأشكال القبول و الرفض و الأقرار و ما يعكسه هذا من جدال لا ينتهي حيث لا يعرف له من بداية .
وحتى لا تأخذ الثنائية في العلاقة ما بين خطاب العنف و الواقع الذي نطرح وما تمليه سياسات الهم النسوي أبعاد تبدوا لنا جديدة في الطرح . أجد أن هناك ضرورات يجب الحديث عنها حتى لا نقع في المحظور نحن كذلك في الحديث عن هموم العنف و دواخله
منها التطرق الى فرضيات ليس لها علاقة بالرياضيات بمقدار ما لها من العلاقة بعلم الاجتماع وربما تصب عند الأثنين معاٌ من منظور تكامل العلوم و شموليتها .
انه الحديث عن فرضيات أساسية تتعلق بالعنف وربما تشكل أسئلة رئيسة بالموضوع و يأتي في مقدمتها الفرضية الأولى , العنف فطري , أو متأصل في البشر منذ خليقتهم وجد بتكوين الجينات وبالتالي هو مركب متأصل عندنا بني البشر . و الفرضية الثانية : أن العنف مكتسب بالسلوك أي متعلم عبر التعايش أو المحاكاة أو النموذج أو....... فرضيات أساسية يجب أن لا يغيب نقاشها و أن لا تدمغ الأراء و الأفكار بشكل مسبق في أقصاء واحدة على حساب الأخرى في محاولة للتسليم بأن الله خلقنا هكذا و سوف لن نستطيع تغيير حكم الله في خلقة ........
وأن نرى كذلك على أي أرضية يتم نقاش هذه الفرضيات ,أي الخلفية المعرفية و الثقافية التي نمتلك كواحدة من أدوات التي نستطيع أن نحلل انطلاقاٌ منها ما نصبو اليه في اتخاذنا للجانب الثقافي بأنه أسلوب حياة نعيشها و نتطور من خلالها في نظرتنا و تقييمنا لقضايانا عامة و لقضية العنف خاصة , الثقافة التي نمتلكها و التي نمارس من خلالها أيضاٌ طقوس حياتنا الأجتماعية و نبني على هداها أنماط سلوكياتنا التي اعتدنا عليها في تقييمنا لأدق التفاصيل , محملين بذاك الأرث من العادات و التقاليد و الذكريات و نحن نذهب ببناء صرح لمعارفنا التي ستشكل في نفس الوقت منظومة ثقافة العنف في المجتمع .التي ستصبح فيما بعد تؤدي ما يشبه الوظائف الأجتماعية و ان لم تأخذ الطابع الرسمي لذلك لكنها تكون قد هيأت الطريق لذلك و بكل سهولة و يسر , وهذا ليس منفصل عن الروح التي تتحرك في جسم هذا المجتمع عند أداء الوظائف الأجتماعية , و تأثير ذلك بجوهر و صلب المكون الحضاري لثقافة المجتمع و ما لا ننفك عن الحديث به من أرث و موروث من العادات و التقاليد و كأننا سلمنا ضمناٌ أن العنف فطري وفي أحسن الأحوال ان لم يبدو أننا سلمنا ضمناٌ نكون قد وقعنا في محظور السكوت أو الصمت تجاه فرضية يجب أن تكون خارج دائرة فهمنا اليوم .و حتى نبدأ بتفكيك ثنائية العلاقة كذلك ما بين قصة العنف و ذاك السلوك المستغرب و الهجين عن طبيعة البشر سلوك العنف الذي آن له أن يوضع على سلم التقادم في الفهم العام لقضية النساء و ما يؤول له من أثار ليس مجال الحديث عنها اليوم , لذلك أجد لزاماٌ علينا أن نظل نبحث و نتقصى في مسألة العنف الأجتماعي و الفهم الذي يغذيه و البيئة التي ينمو بين جنباتها من أجل فصل العرى ما بين التفسيرات و التأويلات و حتى تلك التعابير و الألفاظ المتناولة في سياق مفهوم العنف و ما بين قبول سلوك العنف أو التغاضي عنه و الصمت ازائه!!