
يقتلونهم اليوم ويقتلوننا غدا ونرثيهم اليوم ويرثوننا اخرون غدا ونسير اليوم اوغدا في جنازاتهم واكفاننا على اكتافنا ومن يدري متى سندفن باكفاننا اليوم او غد او بعد حين ومن يدري متى وكيف سيجد احدا ما اشلاؤنا وجماجمنا وهياكلنا العظمية فوق الركام او تحته او انها تبخرت وطارت والتحقت روحها بغبار هواء فلسطين التي احتضنتنا في حياتنا ومماتنا بسماءها وبهواءها وارضها وبحرها وجبالها وصحراءها, كلهم وجلهم كانوا معنا وفي بيوتنا مراسلون ومراسلات, صحافيون وصحافيات, يحملون الكاميرات والميكروفونات من شيرين ابوعاقلة ومرورا بانس الشريف وحتى مريم ابودقة واخرون كثيرون من من سقطوا في ميدان الشرف الاعلامي دفاعا عن فلسطين وشعبها: النضال وممارسات الاحتلال الفاشي كانت عناوينهم الرئيسية للتغطية الاعلامية التي تخللتها سقوط عشرات الالاف من الشهداء والجرحى في قطاع غزة من بينهم مئات المراسلين والمراسلات والمصورين والمصورات وتلك الدماء التي بقيت عالقة على كاميرات من استشهدوا او جرحوا للتو في غارات صهيونية فاشية استهدفتهم بهدف قتلهم وتحييدهم للحيلولة دون وصول اخبار الابادة الجماعية الى العالم من غزة الى جنين ومرورا بالقدس وكامل فلسطين...
اعلاميون واعلاميات حملوا ارواحهم على كفافهم ولم يتركوا الميدان ابدا وحال لسانهم يقول اما الحقيقة حول حرب الابادة او الشهادة..اصوات صدحت بالامس وصمتت اليوم الى الابد, اصوات وثقت الاحداث ورددت اسماء الاحتلال وفلسطين والشهداء والجرحى والجوع والتجويع والدمار الشامل في قتال اعلامي اسطوري حين يدرك المراسل ه انه يقف في وسط مرمى نيران الاحتلال وانه هدف يمكن قنصة في كل لحظة وكل زمان وانه مطارد من قبل طائرات ورشاشات الاحتلال,يدرك حالة التربص به ويدون وصيته لليوم التالي بعد استشهادة مثل ما فعل هذا الصحافي الشجاع انس الشريف والصحافيه الشجاعة مريم ابودقة واخرون تركوا وصيتهم واوصوا بابناءهم وزوجاتهم ولم ينسوا التاكيد على مركزية فلسطين في حياتهم وضرورة استمرار النضال الفلسطيني بكل اشكاله بما فيه الاعلامي..
استشهدت ام غيث ولم تشاهد غيث ولم ياتيها وشعبها المحاصر الغيث لا من الجار القريب ولا من العالم البعيد ولا من نصف مليارعربي صامت ولا من ملياري مسلم جبان يتفرج على ذبح وتجويع اهالي قطاع غزة التي حاولت ام غيث دوما ان توصل رسالتهم ومعاناتهم الى العالم عبر وسائل الاعلام .. انها مريم ابودقة "ام غيث" اللتي وهبت كليتها لوالدها حتى يعيش بدون الم وقامت بانقاذ ابنها الوحيد غيث باجلاءه من غزة الى احدى الدول العربية ومن ثم استشهدت في غارة صهيونية غادرة ولم تحقق حلمها برؤية غيث مجددا واحتضانه وهي اللتي لم تشاهده منذ اكثر من عام قضته في الميدان الاعلامي داخل قطاع غزة حيث تركت ام غيث وصية ل غيث كتبت فيها *“غيث قلب وروح امك انت.. انا بدي منك تدعيلي ماتبكي عليا مشان اضل مبسوطة بدي ترفع راسي وتصير شاطر ومتفوق وتكون قد حالك وتصير رجل اعمال قد حالك يا حبيبي.بدي ياماما ما تنساني انا كنت اعمل كل شي لتنبسط وضلك مبسوط ومرتاح واعملك كل شي وبس تكبر وتزوج وتجيب بنت سميها مريم ع اسمي. انت حبيبي وقلبي وسندي وروحي وابني ال برفع راسي فيه وبنبسط دايما في سمعته. امانه ياغيث صلاتك ثم صلاتك يا ثم صلاتك ياماما...امك مريم "
كانت مريم ابودقة عماد بيت اهلها وقلبه النابض تملا البيت مرحا وقريبه جدا من قلب والدها وقد ابت ان يتالم هذا الاخير حين مرض بالكلى وتبرعت له بكليتها لتنقذ حياته وتخفف من الامه وتجعله يعيش طبيعيا بعد معاناته الطويلة من المرض وتقول ندى شقيقة مريم " إن مريم هرعت، بعد الضربة الإسرائيلية الأولى لتصوير الحدث، وإنها قبل الضربة الثانية كانت تضحك وتلوّح بيدها من الطابق الأخير للمستشفى، “ثم غابت للأبد”.تضيف: “بعد الضربة الثانية بدأت أصرخ وأنادي عليها، وكانوا يؤكدون لي أن مريم غير موجودة، غير أنني كنت على يقين بأنها هناك، بحثت عنها في أقسام المستشفى دون جدوى، ثم أخبروني بوجود شهيدة مجهولة ترتدي حذاءً أبيض، فقلت: تلك أختي مريم”.وتتابع: “ذهبت أنظر إليها، كانت ملامحها قد اختفت بفعل الضربة، لكنني تعرفت عليها وقد ارتقت شهيدة”، وحاولت إيقاظها، لكن دون مجيب"..
رحلت مريم البنت الشابة الوفية لوالدها وعائلتها والام التي احبت نجلها وتعلقت به كثيرا والصحافية الفلسطينية الشجاعة التي عملت تحت نيران طيران الاحتلال, رحلت في جريمة اغتيال مع سبق التخطيط والاصرار على قتلها وزملاؤها في هجوم مركب تشكل من ضربتَّين صاروخيتين الاولى اصابت هدفا والثانيه كانت مخططة ومخصصة لمن يهرعوا لعون ومساعدة المصابين ومن يصورون ويدونون جريمة القتل وكانت اولهم ام غيث التي استلت الة التصوير غير ابهة بالموت الذي يحدق بها وتوجهت للمكان لتُقتل مع سبق الاصرار والتخطيط المسبق.. كوكبة من الصحافيين الشهداء الاشاوس رحلو ومن بينهم مريم ابودقة,رحلت الى ديار الشهداء والشهيدات كامشة على جمرغزة وفلسطين وقابضة على الة تصوير مصوبة على افعال وجرائم الاحتلال الصهيوامريكي الفاشي..رحلت ام غيث وهي تطلب الغيث وتتمنى الفزعة العربية الاسلامية لشعبها اللذي يتعرض للابادة والدمار.. رحلت باخر كلماتها وباخر وصاياها : يمه ياغيث ما تبكي عليا......انت حبيبي وسندي وروحي ياغيث...امك مريم..
رحلت ام غيث وبقيت الابادة مستمرة فلا من غيث ولا فزعة ولا نخوة في زمن عرب الردة وعصر الاتحطاط العربي الاسلامي.. رحلت جسدا ولم ترحل روحا وستبقى حيه خالدة في وجدان شعبها واهلها ووجدان غيث امه حامل اسمها ووسمها الى الابد...يأتي ذلك، في وقت دخلت فيه حرب الابادةعلى غزة، التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، اليوم الإثنين1.9.025، يومها الـ696 على التوالي، في ظل تكثيف القصف وتفجير المنازل وارتكاب ابشع المجازر في مختلف مناطق القطاع، لا سيما مدينة غزة العزة..تأتي هذه المجازر فيما يواصل الاحتلال الفاشي، بدعم أمريكي، حربه الابادية الشاملة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي أسفرت حتى اليوم عن 63,459 شهيدًا، و160,256 جريحًا، وأكثر من 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة 339 فلسطينيًا بينهم 124 طفلًا، في تجاهل صارخ لكل النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الإبادة...
غيث وام غيث اسم واسماء تحمل دلالات ومعاني فلسطينية جسدتها حرب الابادة على غزة في ظل الصمت والتواطؤالعالمي والعربي..الغيث في الثقافة واللغة الفلسطينية له معنى وفحوى خاصة متجذرة في الامثال الشعبية الفلسطينية.. "أصلح الغيث ما أفسد برده":مثل يفيد بأن المطر يصلح ما أفسدته الاحوال الجوية التي سبقت المطر فهل سيأتي الغيث الى غزة بعد هذا القحل الانساني العربي ويغيث اهل غزة ,فهل يرتجى الغيث في ظل ال سحب وسحاب الموت اللتي تغطي سماء غزة..*الرحمة كل الرحمة لام غيث وكل الشهداء والشهيدات في قطاع غزة وكامل فلسطين..بعد العاصفة يأتي الغيث, وبعد الغيوم تشرق الشمس.. حتما سيأتي الغيث وتشرق شمس غزة مجددا....قلوب شعبكم معكم وطنا ومهجرا والغيث قادم لا محالة..
