أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن أسفه البالغ لوفاة صحفيّ مدوّن في السجون الجزائرية بعد تدهور حالته الصحية إثر إضرابه المستمر عن الطعام منذ ثلاثة أشهر. معتبراً هذا الحدث "غير مسبوق ويبعث على الأسى من سلطة تعادي صحفياً فقط لانتقاده لمسؤولي الدولة عبر كتاباته".وأوضح الأورومتوسطي أن الصحفي "محمد تامالت" (42 عاما)، والذي يحمل الجنسية البريطانية إلى جانب الجزائرية، توفي الأحد 11 كانون الأول (ديسمبر) من العام الجاري، بعد دخوله في غيبوبة منذ ثلاثة أشهر، أصابته إثر إضرابه عن الطعام منذ اليوم الأول لاعتقاله في 27 حزيران (يونيو) 2016، وذلك احتجاجاً منه على توقيفه بسبب نشره لمقطع فيديو وقصيدةً على "فيس بوك"، قالت السلطات الجزائرية إنها مهينة للرئيس الجزائري، حيث جرت محاكمته بتهمتي "الإساءة إلى رئيس الجمهورية" و"إهانة هيئات نظامية"، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين.وقال الأورومتوسطي إن اعتقال الصحفي "تامليت"، فضلاً عن وفاته بسبب إضرابه عن الطعام، تضمن خروقاً معيبة لحقوق الإنسان، حيث انتهكت السلطات الجزائرية حقه في التعبير عبر التهم التي وجهت إليه، ثم أخلت بشكل فج بضمانات المحاكمة العادلة وحقه في عدم التعرض للاعتقال التعسفي عبر رفضها إلغاء توقيفه إلى أن تتم محاكمته، مع أن التهم التي كانت موجهة إليه ابتداءً تتوفر على عقوبة الغرامة دون السجن، ثم عبر إهمالها لصحته خلال قرابة 6 أشهر قضاها مضرباً عن الطعام، تخللها ثلاثة أشهر وهو في العناية المركزة نتيجة الغيبوبة التي تعرض لها، ما أدى إلى إصابته مؤخراً بالتهاب حاد في الرئتين قاد إلى وفاته. وتحدثت عائلته عن تعرضه لسوء معاملة في السجن، وإعاقة العائلة والمحامين عن زيارته، خصوصاُ بعد نقله إلى المستشفى.وأوضح الأورومتوسطي أن قضايا النشر لا تتضمن على أية أحكام بالسجن، غير أن المحكمة مع ذلك رفضت الإفراج عن "تامالت" بكفالة في جلسة عقدت له يوم 4 تموز (يوليو)، أي بعد قرابة أسبوع من اعتقاله، ثم ولأجل استمرار اعتقاله وإضفاء الصبغة القانونية عليه قامت النيابة في الأسبوع الذي يليه بتوجيه تهمة "ارتكاب جريمة بحق موظف حكومي" له، بموجب المادة 144 من قانون العقوبات، والتي يصل الحكم فيها إلى السجن لمدة عامين، وحكم عليه يوم 11 تموز (يوليو) بالسجن لمدة عامين بموجب ذلك، كما فرضت عليه غرامة مالية بما يعادل (1800 دولار).ولفت الأورومتوسطي إلى أن السلطات الجزائرية فرضت في فترات سابقة قيوداً كبيرة على حرية الصحافة والتعبير والحق في التظاهر والتجمع السلمي، وكثفت الرقابة على وسائل النشر وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ومارست على أساس ذلك الاعتقال التعسفي وفرضت محاكمات وغرامات مالية على العديد من النشطاء والمدونين وغيرهم من العاملين في حقل الإعلام؛ بتهم القذف والسب والتشهير وانتقاد السلطات الحاكمة وبتهم أخرى مماثلة، فضلاً عن القيام بسحب تراخيص بعض المؤسسات الإعلامية.وقال إحسان عادل، المستشار القانوني للمرصد الأورومتوسطي: "على الرغم من أن الدستور الجزائري كفِل بموجب المادة 48 منه حرية الإعلام، ونص على أن الجرائم المتعلقة بها لا تُعاقَب بالسجن، إلا أننا نجد السلطات الجزائرية لم تكتف باعتقال الصحفي "تامالت" على خلفية تتصل بالعمل الإعلامي، بل وتجاهلت إضرابه عن الطعام ووضعه الصحي حتى وفاته". وأضاف عادل: "الجزائر طرف أيضاً في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية منذ العام 1989، لكن الأمر يبدو أنه وكأنه غير ذا صلة حين يتعلق الأمر بالصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر. إنه لأمر مشين يجب أن يتوقف".ودعا عادل السلطات الجزائرية إلى الكشف الشفّاف عن ملابسات وفاة الصحفي "تامالت"، وعن أي اعتداءات مورست بحقه أثناء فترة إضرابه عن الطعام وإطلاع المؤسسات الحقوقية والمجتمع المدني على نتائج التحقيق، والتعجيل في محاسبة الجهات المتسببة في الحادثة. والأهم، أضاف عادل "إلغاء العقوبات التي تستهدف الصحفيين والنشطاء على خلفية انتقاد السلطات الحكومية والجهات الإدارية والأمنية بما يكفل الحق في ممارسة جميع أشكال النشر والتعبير عن الرأي ويوقف الترهيب والمضايقات التي يتعرض لها النشطاء والحقوقيون في الجزائر".!!
جنيف..سويسرا : الأورومتوسطي: الجزائر مدانة بوفاة الصحفي محمد تامالت في سجونها!!
13.12.2016