أصدرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" تقرير تقصي حقائق حول الأحداث التي وقعت في مدينة نابلس خلال شهر آب من العام 2016، ويعالج التقرير حوادث القتل التي وقعت في المدينة وراح ضحيتها خمسة مواطنين فلسطينيين (عسكريين ومدنيين) في ثلاثة أحداث منفصلة لكنها مترابطة. وكانت الهيئة قد سلمت نسخة من التقرير قبل أكثر من شهر ونصف الشهر لرئيس الوزراء لإبداء ملاحظات الحكومة عليه قبل نشره، وقام وزير العدل بصفته رئيس اللجنة الرسمية المشكلة من قبل رئيس الوزراء بإبداء عدد من الملاحظات واعطاء توضيحات أخذت بها الهيئة.وجاء في مقدمة التقرير "أنه ونتيجة لخطورة هذه الأحداث، وما رافقها من تجاوزات، ومع اختلاف الروايات بين الأهالي والجهات الرسمية، ارتأت الهيئة القيام بإعداد تقرير لتقصي الحقائق حول الأحداث". وقد استند التقرير في منهجيته إلى عمل ميداني قام به باحثو الهيئة، تم خلاله الالتقاء بشهود عيان والاستماع إلى مسؤولين، والاطلاع على تقارير الطب الشرعي، ورصد تصريحات المسؤولين في وسائل الأعلام، اضافة إلى المشاركة في تشريح جثث بعض الضحايا.واستعرض التقرير أحداث وفاة العسكَريَين شبلي بني شمسة ومحمود الطرايرة بتاريخ 18/8/2016، وأحداث وفاة المواطنَين فارس حلاوة وخالد الأغبر بتاريخ 19/8/2016، وأحداث وفاة المواطن أحمد عز حلاوة (أبو حلاوة) بتاريخ 21/8/2016 بما فيها الرواية الرسمية وروايات شهود العيان.وقد خرج التقرير بمجموعة استخلاصات منها، أن هناك انتشار للسلاح بين أيدي مواطنين في مدينة نابلس، وبعضهم منتمي للأجهزة الأمنية ويحمل السلاح خارج نطاق العمل الرسمي. وهذا التداخل أعاق ويعيق عملية ضبط الأسلحة غير المرخصة من أيدي المواطنين. ضعف تنسيق بين النيابتين العسكرية والمدنية في التحقيق الأمر الذي شتت عمليات التحقيق وادى الى تعطيلها في بعض الأحيان ، نتيجة لعدم توحيد ملفات الاحداث من خلال عمل مشترك للنيابتين بحيث يتم بعد الانتهاء من التحقيق احالة المتهمين للجهات القضائية العسكرية أو المدنية وفقاً لمعايير المتهم مدنياً أو عسكرياً. وجود دلائل قوية (شهود عيان وتقارير طب شرعي) تناقض الرواية الرسمية لأجهزة الأمن حول ظروف مقتل المواطنين خالد الأغبر وفارس حلاوة، الأمر الذي يستدعي أن تقوم النيابة العسكرية بواجبها في التحقيق الجنائي في ظروف مقتلهما. لم تقم النيابة العسكرية بدورها المطلوب في قضية مقتل المواطن أبو العز على الرغم من الاعتراف الرسمي بانه قد قتل نتيجة الاعتداء عليه بالضرب من قبل قوة من الأمن في سجن جنيد، حيث لم يتم الكشف عن المشاركين في الحادثة أو تقديم أي منهم للمحاكمة. ولا يوجد تعاون كافٍ من الأجهزة الأمنية مع النيابة العسكرية في عملها. ان تشكيل اللجنة الرسمية التي ضمت في عضويتها النيابة العسكرية والنيابة المدنية قد أثر بشكل كبير على قيام النيابتان بدورهما الاصيل، وكان الأولى أن لا تتضمن لجنة التحقيق الرسمية ممثلين عن النيابتين وإنما تتركان للعمل وفقاً للاختصاصات الممنوحة لهما في القانون، وأن يتم التحقيق الرسمي للحكومة (السلطة التنفيذية) بشكل منفصل.كما أشار التقرير إلى أن مقتل المواطن أبو العز حلاوة الذي نتج عن تعرضه للضرب على أيدي عدد كبير من العسكريين، حسب الرواية الرسمية، وهو مقيد اليدين يشير إلى ضعف انضباط والتزام بعض منتسبي أجهزة الامن بتعليمات استخدام القوة، والعمل بردات فعل بعيداً عن سيادة القانون. فقد كان يقتضي بأجهزة الأمن توفير الحماية له فور توقيفه وليس الاعتداء عليه. وان تصريحات بعض قادة الأجهزة الأمنية في أعقاب مقتل العسكريين أبو شمسة والطرايرة، وخاصة ما ورد على لسان البعض من استخدام عبارة الثأر والانتقام ساهمت في تعبئة منتسبي الأجهزة الأمنية. وطالبت الهيئة في تقرير تقصي الحقائق الحكومة والجهات المعنية بتبني التوصيات التي خرج بها التقرير، والعمل بموجبها ومنها، ضرورة كشف كافة المتورطين بقتل رجلي الأمن محمود الطرايرة وشبلي أبو شمسة وتقديمهم للمحاكمة العادلة. أن تقوم النيابة العامة بفتح تحقيق جنائي في ظروف مقتل المواطنين فارس حلاوة وخالد الاغبر، وأن تعاين مسرح الجريمة وتستمع إلى الشهود وتستجوب أفراد القوة التي قامت بقتلهما، وتنظر إلى تقارير الطب الشرعي. أن تقوم الأجهزة الأمنية بالتعاون مع النيابة العسكرية والمدنية في تقديم جميع المعلومات والشهادات المطلوبة. ضرورة كشف أية جهات سواء في السلطة الفلسطينية أو في التنظيم تدعم بعض المواطنين الذين يحملون السلاح خلافاً للقانون وتقديمهم للمحاكمة العادلة. ضرورة قيام النيابتين المدنية والعسكرية بتوحيد ملفات التحقيق في الاحداث المذكور لاشتراك العناصر المدنية في تلك الاحداث واحالة المتهمين للجهات القضائية وفقا للاختصاص. ضرورة قيام النيابة العسكرية بدورها من تلقاء نفسها وعدم الانتظار الى حين تقديم شكاوى من الاهالي ودون انتظار تقديم المعلومات من أي جهة كانت. وطالبت التوصيات بضرورة قيام اللجنة الرسمية المكلفة بالتحقيق في أحداث نابلس باستكمال عملها بأسرع وقت ونشر نتائج التحقيق، وضرورة استخلاص العبر حول سلوك أفراد الأمن الذين اعتدوا على المواطن أحمد حلاوة، ومراجعة الإجراءات والتعليمات الانضباطية وسبل إنفاذها، والبرامج التدريبية، بما يضمن عدم تكرار هذه الحادثة في المستقبل. والتأكيد على التزام أفراد الأجهزة الأمنية بالقانون والأنظمة والتعليمات، واحترام الحقوق والحريات التي أقرها القانون الأساسي الفلسطيني، أثناء قيامهم بواجبهم. وضرورة أن تكون تصريحات المسؤولين في الأجهزة الرسمية تصريحات مسؤولة تتناسب مع طبيعة عمل الأجهزة كأجهزة دولة، والابتعاد عن استخدام عبارات من شأنها تعبئة منتسبي الأجهزة الأمنية أو تأجيج المشاعر. وأن يكون النشاط الأمني وفرض سيادة القانون حالة مستدامة وليس عملا موسميا. وتأمل الهيئة في أن تستكمل اللجنة الرسمية المشكلة من قبل رئيس الوزراء عملها بأسرع وقت ممكن وتعمل على نشر نتائج التحقيق الذي تتوصل إليه.7/3/2017
رام الله :هيئة حقوق الانسان تصدر تقرير تقصي حقائق حول الأحداث التي وقعت في مدينة نابلس العام الماضي!!
07.03.2017