الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2015، كانت محطة فارقة في حياة الأسير المحرر محمد عليان، حيث استشهد نجله بهاء وزميله بلال غانم عقب تنفيذهما عملية إطلاق نار صوب حافلة ببلدة جبل المكبر أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين.استشهد بهاء ورفيق دربه بلال برصاص جيش الاحتلال الذي سارع لاحتجاز جثمانيهما ليضافا إلى عشرات جثامين الشهداء المحتجزة بالثلاجات والمئات من الجثامين المدفونة منذ ثمانينيات القرن الماضي في مقابر الأرقام والتي تضم أيضا شهداء أسرى الدوريات العرب.عليان الذي حُكم عليه عام 1975 بالمؤبد لانخراطه بالمقاومة الفلسطينية ولانتصاره لقضايا شعبه أُفرج عنه بموجب صفقة تبادل الأسرى بالعام 1985، ليواصل مشاوره النضالي والوطني، ليجد ذاته في العقد السادس من العمر يحارب إسرائيل لاسترجاع جثمان نجله الشهيد.تسعة أشهر من النضال الجماهيري والقضائي خاضها عليان لاسترجاع جثمان نجله ليكون جنديا بالحملة التي أطلقت بالقدس بعنوان „بدنا أولادنا“ والتي سرعان ما التحمت مع اللجنة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء بفلسطين.واستطاعت الحملة أن تشكل قوة ضغط على الاحتلال للإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2015، والذين تجاوز عددهم 150 شهيدا، تراوحت فترات احتجازهم بين شهر و12 شهرا.المحكمة العليا ألزمت وزارة الأمن الإسرائيلية تحرير جثماني بهاء وبلال، وتواصل التداول بالالتماس الذي تقدم به „هموكيد“ مركز الدفاع عن الفرد، ومركز القدس لحقوق الإنسان الذي طالب باسترجاع 123 جثمانا لفلسطينيين دون أن تورد النيابة العامة أي معلومات عن مكان الدفن والجهات المسؤولة عن عملية احتجاز الجثامين، بحسب ما كشفت عنه صحيفة „هآرتس“.عليان الذي بات المتحدث باسم اللجنة الوطنية لاستعادة جثامين الشهداء، سرد تجربته مع المحتل والدوافع التي حفزته لمواصلة مسيرة النضال الوفاء للشهداء على الرغم من استرجاع جثمان نجله بهاء، وقال لـ“عرب 48“ إنه „دون دفن الشهيد يبقى الجرح ينزف وتعيش العائلة معاناة يومية من التخبط والآلام وكأن ابنها يموت بكل لحظة، وهناك عائلات ما زالت ومنذ الانتفاضة الثانية بالعام 2000 تنتظر أن تتسلم جثامين أولادها“.ولفت عليان إلى أن „احتجاز الجثامين بمثابة عقاب للعائلة من قبل سلطات الاحتلال التي تسارع بهدم منازل العائلات وتشريدها، وكذلك محاولة الانتقام بالمماطلة في تحرير الجثمان ما يعمق معاناة الأسرة التي تعيش مرارة وحسرة“.وشدد على أن „سلطات الاحتلال تضع شروطا تعجيزية للعائلة حين تسليم الجثمان للدفن بساعات الليل المتأخرة واقتصار المشاركة بالجنازة على أفراد العائلة، وحرمانهم حتى من معاينة الجثمان وتوديع أبنهم الشهيد، إذ تتم الجنازة تحت فوهات بنادق جنود الاحتلال“.وطالب عليان السلطة الفلسطينية بـ“تدويل ملف جثامين الشهداء وتحريك القضية بالمحافل والمحاكم الدولية، بغية فضح ممارسات إسرائيل التي تتنافى وحقوق الإنسان وتتعارض مع المواثيق الدولية“، مبينا أنه „لا بد من تجريم إسرائيل بهذا الملف الذي يحمل في طياته أبعادا إنسانية تتعمد سلطات الاحتلال عليها والإبقاء على الجثامين كلغز مفقود“.ذات التجربة خاضها الناشط الحقوقي بالحركة الأسيرة، المحامي فؤاد سلطاني، فعلى مدار 25 عاما ترافع قبالة المحاكم الإسرائيلية لاسترجاع جثمان أسير فلسطيني، لكن سلطات الجيش أقرت فقدان الجثمان وسعت منذ تسعينيات القرن الماضي للتنصل من المسؤولية.وقال سلطاني لـ“عرب 48“ إن „إسرائيل تحتجز منذ حرب حزيران/ يونيو عام 1967 وحتى الآن 286 جثمان شهيد فلسطيني منهم 65 مفقودا، فيما اعترفت بوجود 119 جثمانا لشهداء فلسطينيين بمقابر الأرقام والتي تضم أيضا رفات مئات شهداء أسرى الدوريات العرب، بدافع أن تكون الجثامين ورقة ضغط ومساومة مع المقاومة الفلسطينية والعربية“.وأوضح أن „إسرائيل تتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية، بسبب احتجازها الجثامين، وإهمالها المقابر بالأحراش التي تتحول لمراعي وقبور متبعثرة تحمل مجرد أرقام دون توثيق أو مستندات، حيث تدنس من البشر وتدمر من الطبيعة، بينما الجثامين التي تحتجز يثلاجات توضع بقوالب من الثلج، تتسبب بتلف لأعضاء الجسد“.وشدد سلطاني على „ضرروه أن تقوم السلطة الفلسطينية بتحريك دعوى بالمحافل الدولية ضد إسرائيل التي ترتكب عدة جرائم باحتجاز جثامين الشهداء وإخفائها، إذ يعود السبب باختفاء الجثامين للتستر على جريمة إعدام الجنود للفلسطينيين وسرقة الأعضاء وبيعها وإجراء التجارب واستعمالها للبحث العلمي، الأمر الذي يتناقض والقانوني الدولي“...*كتب محمد محسن وتد..المصدر : عرب48 !!
القدس المحتله : جثامين الشهداء... اللغز المفقود..!!
14.04.2017