صندلة- علي سمودي- وافق اليوم، الذكرى السنوية الـ “64”، لمجزرة صندلة في الداخل، والتي استشهد فيها “15” طفلا واصيب ثلاثة غيرهم، جراء انفجار قذيفة وضعت على حافة الطريق، عثر عليها الطلاب خلال عودتهم من مدرستهم، وأدى انفجارها، لتناثر الاشلاء وتقطيع أجسادهم، في مشهد مروع، ما زال يتذكره أهالي البلدة الذين هزتهم الكارثة وأثارت مشاعر الحزن والالم لدى عموم سكان المنطقة، الذين يستعدون لاحياء الذكرى الاليمة بعدة فعاليات وانشطة.
ويقول المربي المتقاعد ومنسق الفعاليات مصطفى أحمد حسن العمري، ان الذاكرة ستبقى حية وخالدة في ذاكرة الأجيال، فالجرح ما زال ينزف، وكلما حلت الذكرى رغم مرور السنوات الطويلة، تسود مشاعر الحزن والالم لهول الفاجعة .
*مدرسة مختلطة
لسنوات طويلة، اعتاد طلاب قريتي صندلة ومقيبلة، على التعليم في مدرسة مختلطة بين القريتين، لكنها أقرب لصندلة، ويوضح العمري، أن الطلاب كانوا يمرون بشكل يومي بطريق ترابية مساحتها 2 كيلو متر من صندلة للوصول للمدرسة، وكانت هذه المنطقة عبارة عن حقول مزروعة من قبل الوكالة اليهودية، مشيراً الى ان هذه الاراضي كانت قبل النكبة تابعة لمنطقة قرية الجلمة، لكن تم الاستيلاء عليها وضمها لاسرائيل، وأصبحت الوكالة اليهودية، تزرعها وتفلح وتحصد خيراتها على مدار العام .
ووفق روايات الاهالي، فان المنطقة، كانت تخضع لاشراف وحراسة اسرائيلية تتحكم فيها، وتوفر الرعاية والحماية للوكالة اليهودية والمستوطنين لزراعتها، لكن بحكم موقع المدرسة، اعتاد الطلاب على المرور من هذا الطريق للوصول لمدرستهم ذهاباً وإياباً .
*تفاصيل الاحداث
ما زالت ذاكرة العمري، تحتفظ بتفاصيل الاحداث والمشاهد في تلك الحقبة، بعد دوام يوم الثلاثاء الموافق 17-9-1957، وتحديدا في الثانية والنصف بعد الظهر حيث -كعادتهم- عاد طلاب المدرسة متوجهين إلى بيوتهم، لكن شيئاً ما استوقفهم فأوقف حياتهم.. قذيفة وضعت على حافة الطريق كانت تنتظرهم كي يستكشفوها فتنفجر بهم ، ويقول”طلاب صندلة في المدرسة تتراوح اعمارهم بين 8-13 عاماً ، وخلال عودتهم لقريتهم، شاهدوا العبوة التي لم يميزوها أو يعرفوا بخطورتها، جذبت انتباههم واقتربوا منها .”
ويضيف” اخذوا بالبداية يركلونها باقدامهم ، فلم يحدث أي خطر فزاد اقبالهم عليها وحماستهم باللعب بها، فاخذوا يدقونها بالحجارة، قسم منهم استأنف السير لمنازلهم، وقسم آخر لم يلحق بهم، وقسم اخر انضم للهو، وهكذا أطفال يتركون واطفال يحضرون ويدقون القذيفة .”
*انفجار مفاجئ
فجأة، انفجرت القذيفة، التي وصل صداها لمسافات وأماكن بعيدة، بينما روى شهود العيان صوراً مروعة، ويقول العمري:”في تلك الفترة، تميزت المنقطة بالهدوء، كون الارض مستوية، ولا يوجد بنايات أو مستوطنات أو آليات تعمل وتهدر، فوصل صوت الانفجار قبل أن يصلنا الخبر، سمعت الامهات في البيوت، والمزارعين العاملين في البيادر، وهرع الجميع مذعورين للموقع.”
ويضيف:”الشهود الذين تواجدوا في المنطقة، أكدوا ، أنهم شاهدوا اشلاء الاطفال تتطاير في المكان، ومنع الأهالي الاطفال والنساء من الوصول للموقع، كون المنظر مرعب ومخيف، فقد كانت اشلاؤهم متناثرة .. بطونهم وامعاؤهم ورؤوسهم منتشرة على التراب والدم يغطي المكان.”
*حزن وصدمة
عمت أجواء الحزن والصدمة في صندلة، وانهارت النساء والامهات ، وبكى الجميع من هول المجزرة، ويوضح العمري، أن قوات كبيرة من الجيش والشرطة الاسرائيلية حضرت للموقع ايضا، بينما انهمك الاهالي بلملمة الاشلاء المتطايرة وحقائب ودفاتر واقلام غمرتها الدماء، ويقول ” وضعنا الاشلاء في أكياس، ودفناها دون ان يتمكن الاهالي من رؤية ووداع أحبتهم، وقد نقل للمستشفى طالبان ، لكنهما وصلا بحالة وفاة، وجرى دفنهما في اليوم التالي، وسط اجواء الحداد والحزن التي عمت كل البلاد.”
ويكمل:” نجا من المجزرة ثلاثة طلاب ما زالوا على قيد الحياة، لكن اصاباتهم كانت بالغة، ومنهم اثنان مقعدين، والثالث أصيب في انتكاسة صحية خطيرة في الدماغ لم ينجو من آثارها بعد كل هذه السنوات.”
*حصار البلدة
وذكر العمري ، أنه بعد المجزرة، فرض الجيش الاسرائيلي طوقا على صندلة، ومنع الخروج منها أو الدخول اليها، وقد اغلقت الطريق أمام كافة الاحزاب والقوى والشخصيات في الداخل بقرار من الحكم العسكري الذي كنا نخضع له.ويقول”حاول الحكم العسكري، اغلاق ملف القضية ومنع التحقيق فيها، ونشر شائعات حول قبول أهالي الضحايا، بأن الحادث قضاء وقدر، لمنع ملاحقة وكشف حقيقة ما جرى.”ويضيف” تحرك الاحرار من ابناء شعبنا في المجتمع العربي بالداخل، وأثارت صحيفة الحزب الشيوعي المجزرة ، وطالبوا بتشكيل لجنة تحقيق لتفاصيل هذه المأساة ، لكن دون جدوى.”
*محاولات لشطب المجزرة
طوال العقود الماضية، سعى الاحتلال لطمس وشطب هذه المجزرة ، لكن منذ سنوات ، برز نشاط واضح من عدة لجان وفعاليات لاحياء القضية والذكرى ورفض ما نشرته الوكالة اليهودية بعد المجزرة، ان ما حدث قضاء وقدر ، وقال العمري:”يجب ان تبقى ذكرى الشهداء خالدة، حتى كشف حقيقة المجزرة ، والوفاء الحقيقي لهم، بالوصول للحقيقة والتي يجب ان تكشف بشكل جلي مهما مر من تاريخ أو زمن .”
*المصدر :القدس دوت كوم
فلسطين المحتلة :“64” عاما على مجزرة “اطفال صندلة”!!
18.09.2021