أحدث الأخبار
الأحد 07 تموز/يوليو 2024
1 2 3 47459
معاناة الحصول على المياه في غزة: خطر الموت والمشي لمسافات وشجارات!!
04.07.2024

كتب محمد الحجار»: منذ اندلعت الحرب الإسرائيلية ضد غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، والقطاع يعاني بشكل كبير من أزمات متتالية، خصوصا في مياه الشرب، والتي كانت بالأساس، مشكلة سابقة وتفاقمت آلاف المرات ومؤخراً توقفت محطات التحلية الأخيرة الموجودة وسط غزة، في دير البلح ومخيم النصيرات عن العمل، بسبب النقص الحاد بالوقود، مما فاقم أزمة مياه الشرب عند النازحين الذين يزيد عددهم عن مليون ونصف والموجودين حالياً في مناطق غرب خان يونس «المواصي» وغرب المناطق الوسطى في دير البلح والزوايدة والنصيرات. وكانت هذه آخر محطات التحلية التي يستفيد منها الفلسطينيون في جنوب وادي غزة.وأعلنت شركة كهرباء غزة الأحد الماضي عن تمديد خطوط كهرباء خاصة الآتية من إسرائيل لتشغيل محطات التحلية الموجودة شرق دير البلح، وذلك بعد أن انقطعت مياه الشرب الصحية عن مخيمات النازحين لمدة اسبوع تقريباً، اضُطر خلالها الأهالي الى شراء المياه المعدنية المعبئة، وآخرون اضطروا لشرب مياه الآبار غير الصحية.وتعمل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وعدد من المنظمات العاملة في غزة، بطاقة محدودة داخل مناطق معينة في جنوب القطاع ووسطه، بسبب استمرار إغلاق معبر رفح البري، وتقييد دخول المساعدات من معبر كرم أبو سالم، وتوقّف إدخال المساعدات عبر الرصيف البحري.
وتقلصت الخدمات بسبب عدم توفر الوقود، ولم تتمكن الوكالة من إدخال الوقود لتشغيل أكثر من 20 محطة تحلية.ويومياً تزداد أعداد النازحين في مناطق مخيمات النزوح غرب خان يونس ودير البلح، وقد أصبحوا مضطرين إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى آبار المياه القليلة، والقريبة من شارع صلاح الدين شرق مناطق وجودهم، (هي آبار مياه تصلح للاستخدام ولا تصلح للشرب). والمسافة إلى هناك تصل إلى أكثر من سبعة كيلومترات، حيث يمكن قطعها سيراً على الأقدام، أو بالاعتماد على التنقل عبر عربات تجرها حيوانات.وعاد عدد من محطات التحلية الموجودة في جنوب القطاع ووسطه للعمل بعدما وفرت لها شركة الكهرباء خطاً مباشراً من الداخل المحتل، لكن هذا سيجعل الاحتلال يتحكم كما شاء بمصادر المياه الصحية، بحيث يمكنه قطع ووصل الكهرباء لمحطات التحلية كما يشاء، ما سيجعل مصير مئات آلاف الفلسطينيين بين أيدي من يقتلهم ليلاً ونهاراً.وفي جنوب وادي غزة يواجه النازحون عطشاً شديداً بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ونُدرة المياه الباردة التي قد تروي عطشهم. وتُقدّر كمية المياه التي يشربها الفرد في اليوم الواحد قُرابة اللتر ونصف اللتر، فيما يعجز آخرون عن تحديد الكمية التي يشربونها، كحال عبد الله مسعود (33 عاماً) الذي يصارع خلال الأسابيع الأخيرة لتعبئة زجاجات المياه، ولم يتمكن من تعبئة المياه بالكامل.ومسعود، حسب قوله، أحد الذين يبحثون بشكلٍ متواصل عن مصادر المياه، ويقيم داخل مخيم للنازحين غرب دير البلح، بالقرب من إحدى آبار المياه. لكن سرعان ما تتوقف الآبار عن توزيع المياه على النازحين بسبب النقص الحاد بالوقود وعدم توفّر الكهرباء التي تستعمل لسحب المياه من الآبار وضخها للمستفيدين، بالإضافة للاكتظاظ الذي حدث في مخيمات النزوح غرب المنطقة الوسطى بعد عملية رفح الأخيرة والتي كانت سببًا في تقليص حصّة الفرد الواحد من المياه.ويقول لـ«القدس العربي»: «يومياً، أقطع مسافات طويلة للحصول على المياه، وفي بعض الأحيان نقترب من شارع صلاح الدين رغم خطورة الأمر. ويحاول البعض الاقتراب من تلك المناطق لأن فيها خزانات مياه، وقد أصيب عدد منا خلال محاولاتنا الحصول على المياه من المناطق الشرقية والتي عادةً يعمل فيها الجيش الإسرائيلي من دون إنذار».ويضيف: «أنا أشعر أنّ صحتي تتراجع كثيراً وحياتي ستنتهي وأنا أقضي وقتي بالتنقّل مسافات طويلة من أجل الحصول على مياه للشرب. كنت أسمع أن الحروب مستقبلاً ستكون من أجل الحصول على المياه، لكن الاحتلال جعلنا نعيشها اليوم. ندرك أننا نذهب إلى الموت ونسير تحت تهديد النيران الإسرائيلية وبين والأجسام المشبوهة قرب بعض الآبار، بالإضافة إلى الشجارات اليومية بيننا كمواطنين لأننا نصطف في طوابير في بعض المناطق، ثم نعجز عن الاحتمال طويلاً بسبب شدة العطش والحرارة الشديدة». غربًا في مدينة خان يونس، عشرات الغزاويين يحملون الزجاجات الفارغة ذات السعات المختلفة ويقفون طابوراً قُرب محطة للمياه استعداداً لتعبئتها في أي لحظة، وسط انعدام المياه الصالحة للشرب، كما تقول السيدة آمال زهد (44 عاماً) الذي تتمنى الحصول على مياه صالحة للشرب بشكل يومي حتى تروي عطشها وأبنائها بعد أن فقدت زوجها خلال الحرب، مشيرةً لـ« القدس العربي» إلى أنها تمضي ساعات يومياً لتأمين المياه بسبب عدم توفرها، عدا عن أنها موجود عند أطراف منطقة المواصي، والتي تبعُد عن كل شيء مثل الأسواق ومصادر المياه وغيرها من الخدمات.نموت بشكل بطيءوتقول آمال لـ«القدس العربي»: «منذ شهر أشرب مياهاً ملوثة وغير صحية، فقط لأنني أريد البقاء على قيد الحياة. مررنا في مراحل عدة عرفنا خلالها نقصاً في المياه قبل أن نتمكن من تأمين مياه صالحة للشرب حيث اضطررنا إلى شرب المياه المالحة ثم مياه الأمطار وبعدها تلك التي نحصل عليها عبر المساعدات. ثم عدنا لشرب المياه الملوثة، نموت بشكل بطيء وما من أحد ينظر إلينا من المجتمع الدولي».وتضيف: «في بعض الأحيان أشرب مياهاً غريبة اللون. ولا يسعني إلا تذكر المياه التي كنت أشربها وخصوصاً تلك الباردة. نعيش حرماناً من كل شيء. وأعاني من الارتجاف الشديد بعدما أصبت بحالة عصبية مؤخراً، وقد فقدت الكثير من أفراد عائلتي».زهد من سكان مدينة رفح، وقد نزحت عقب عملية رفح حيث دمر الاحتلال منزلها في المنطقة حي الشوكة في الشرقية لمدينة رفح، ولم تتمكن من نقل حاجياتها الأساسية، خصيصاً أنها فقدت زوجها، وأبناؤها ما زالوا أطفالًا.وتقول لـ« القدس العربي»: «نحاول الهرب من العطش من خلال البقاء في الظل، علماً أنه يتوجب علينا القيام بمهام يومية لتأمين الطعام والشراب، وليس بمقدورنا شراء مياه معدنية معبئة لأنها مرتفعة الثمن نوعًا ما، ونحن لا نملك أي نقود بعدما اضطررنا للنزوح هربًا من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، وايضًا استنفدت الحرب كل مدخراتنا».وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين قد حذرت في بيان لها من تداعيات توقف عمل محطات تحلية المياه في قطاع غزة، مطالبة السلطات الإسرائيلية بـ»توفير الوصول إلى المياه بشكل فوري، إذ أصبح البقاء على قيد الحياة تحدياً كبيراً».ويلاحظ العاملون في نقاط عمل الأونروا أن الأطفال يُدفعون للسير مسافات طويلة على الأقدام للحصول على المياه، بالإضافة إلى النساء.وقالت بلدية غزة، وهي أكبر بلديات القطاع، بالإضافة إلى بلدية النصيرات وبلدية خان يونس وبلدية بلدة بيت لاهيا، إنها عاجزة بشكل كامل عن أداء عملها، فيما توقف العمل بالكامل في محطات التحلية، علماً أنها شهدت توقفاً منذ بداية الحرب بشكلٍ متكرر، لكن كانت هناك محاولات خلال الشهر الماضي لإعادة تشغيلها من دون أن تنجح بسبب عدم إدخال الوقود.
ندمير آبار المياه
ويقول المهندس البيئي من سلطة المياه الفلسطينية عماد أبو سلامة إن قطاع غزة يعيش الظروف الأسوأ منذ بدء العدوان، بعدما أغلقت جميع منافذه البرية بالكامل وسط استمرار تدمير آبار المياه ومحطات التحلية الكبيرة منها في مدينة رفح أثناء عملية رفح، بالإضافة إلى تدمير عدد من الآبار الطبيعية فيها.ويشير إلى أن الاحتلال دمر أكثر من 80٪ من آبار قطاع غزة التي تتمركز في مناطق حساسة وأخرى في مناطق حدودية، وخصوصاً في المنطقة العازلة التي احتلها خلال الحرب، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من آبار المياه التي كانت موجودة في وسط قطاع غزة، والتي كانت تزود الغزيين بالمياه، وأخرى لنقاط تجمع المياه الجوفية وري المزروعات وخصوصاً في مناطق وسط قطاع غزة، وقد تعمّد الاحتلال فعل ذلك لجعل قطاع غزة لا يصلح للسكن.وتسببت قلة الحصول على المياه في وفيات عدة وانتشار الأمراض بسرعة عبر المياه.وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) قد أعلنت عن حدوث انخفاض كبير في إنتاج المياه النظيفة في جميع أنحاء قطاع غزة، ما أثر على وصول حوالي نصف مليون شخص إلى خدمات إمدادات المياه. ويعزى هذا الانخفاض إلى الأضرار التي لحقت بالعديد من المرافق، بما في ذلك محطات المعالجة والآبار ومحطات الضخ، والتي أصبحت غير صالحة للعمل بسبب القصف المستمر، أو نقص الوقود، أو عدم إمكانية الوصول إلى أعمال الصيانة.
*المصدر : القدس العربي

1