أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
انتخابات الرئاسة في سورية!!
بقلم : سهيل كيوان ... 26.09.2013

كل المؤشرات تقول إنه لا يستبعد ترشيح نفسه للانتخابات القادمة! طيّب، تخيّل نفسك يا عزيزي مواطنًا سوريًا من تلك الملايين التي لجأت إلى الأردن أو تركيا أو بلاد الله الواسعة، أو أنك واحد من أولئك الذين فقدوا عائلاتهم أو أحد أفراد أسرهم أو عزيزًا من الأعزاء!
بعد أن تهتدي إلى مركز التصويت في منطقتك، سترى العشرات من رجال الأمن في حراسة العملية الديمقراطية، بلباسهم الرسمي، وسوف تعرف بخبرتك الغنية رجال الأمن بالزي المدني، وسوف تتذكر فورًا أيام العز، التي سبقت الديمقراطية عندما كنت تصل إلى صندوق الاقتراع فلا تجد صندوقًا ولا يحزنون، وما كان عليك سوى أن توقّع اسمك، وتشكر الجالسين هناك، وأن تهتف بحياة السيد الرئيس. كنت تفعل هذا في احتفال جماهيري أشبه بالمبايعة، بل هي مبايعة كاملة الأوصاف.
الآن تدخل ساحة المدرسة التي ما زال معظمها مهدّمًا،فقد وضعوا في ساحتها غرفًا متنقلة كي يتيحوا لك فرصة الاختيار الديمقراطي، والتعبير عن رغبتك بمن تريد أن يكون رئيسك للسنوات الخمس القادمة، ستدلي هنا بصوتك الغالي ورأيك الثمين، الذي كما يبدو صار له قيمة بعدما كان كمالة عدد، ها أنت وصلت الغرفة وترى وجوهًا مقطبة جدّية جدًا، ولا شكّ أن المراقبين صارمون ،ولا يوجد مكان للمزاح هنا، خصوصًا في هذه اللحظة التي قُتل وجُرح وشرّد لأجل بلوغها مئات الآلاف من المواطنين ومنهم بعض أقربائك.
يتم تسجيل اسمك برهبة كبيرة، وأنت واقف تنتظر المغلف الذي سوف تضع ورقة الاقتراع فيه، وبعد فحص اسمك والعثور عليه في قائمة أصحاب حق الاقتراع، تشعر بنشوة عندما يناولك الموظف المغلّف بشكل نزيه جدًا، ويومئ لك بالتوجه وراء الستار،بينما عيون الجالسين كلها عليك، كي ترى أثر الديمقراطية وانعكاسها على وجهك، فتبتسم، ويبدو أن كل واحد يمثل مرشحًا آخر للرئاسة.
تسأل نفسك يا ترى هل أنا في حلم أم في علم! إنها انتخابات ديمقراطية حقيقية، لا تشبه الانتخابات التي عرفتها من قبل، يا إلهي كم تغيّرت سوريا، لقد صرنا مثل الدول المتقدمة التي تحترم مواطنيها، رحم الله شهداءنا فلم تذهب دماؤهم هدرًا.
تنتبه في اللحظة الأخيرة لوجود مراقب أجنبي يقف جانبًا،فتشعر بارتياح تام وتدخل وراء الستارة، تنظر فوقك وتحتك وأمامك وخلفك بحثا عن كاميرا سرية تراقبك، ولكن الحمد لله لا يوجد ما يثير الشك، تفتح المغلف وتتأمله، تلاحظ أنه أسود من داخله ولا يمكن لأحد أن يرى اسم المرشح الذي اخترته. إنها لحظة رهيبة، فهي الأولى في حياتك التي تنتخب فيها بحق، ترتجف أصابعُك وتحب أن تطيل هذه اللحظة كي تستمتع بها حتى الثمالة،
تنظر إلى الأوراق التي تحمل أسماء المرشحين فتعتريك نوبة من الغبطة وتدمع عيناك، لم تكن تحلم بلحظة كهذه في أحلى مناماتك السياسية،
تتفقد اسم مرشحك المفضل بين الأوراق، ومرة أخرى تعود على أسماء المرشحين فلا تجد اسم مرشحك،تضطرب وتعرق، تستغرب أين اسم مرشحك! أين أوراقه! يبدو أن صدمة الديمقراطية أذهلتك، أو أن عصر الشبيحة لم ينته بعد، فقد أخفوا اسم مرشحك، ومن حقك الآن أن تعترض لدى لجنة الإنتخابات المشرفة على عملية الاقتراع وتعلمهم بأنك لا ترى هنا أسماء جميع المرشحين!هل تجرأ على فعل هذا!
تنظر مرة أخرى إلى الأوراق فترى أسماء ثلاثة مرشحين فقط ليس من بينها اسم مرشحك!
شيء ما التبس عليك،لا تستوعبه،الأوراق المعروضة هي بشار الأسد- بشار الحافظ- بشار بن حافظ الأسد-وعليك أن تختار واحدة منها..تقف طويلا مفكرًا ومحتارا بين ثلاثتهم، أيهم أفضل للبلد؟ الحقيقة أنه خيار صعبٌ جدًا، حُلوه مرّ، يبدو أن للديمقراطية مساوءها، فهي تضعك في مواقف حرجة كهذه، ألإجل هذا دُمّرنا وقتلنا ومُحيت مدننا وتشردنا وخربت بيوتنا، ألإجل هذه الوقفة البلهاء وراء الستار اغتصبنا وتدخل كل ألوان البشر في بلدنا، الإجل هذا ثرنا وتظاهرنا ودُمّر اقتصادنا لعقود طويلة! ألا لعنة الله على الديمقراطية ومخترعيها، ما العمل الآن؟ لماذا لا تصوت لبشار الأسد! أليس هو الرئيس الذي من شدة حبه بلاده قرّر ‘أنا أو تخرب البلد’! هاهو قد أثبت مرة أخرى أنه يفعل ما يقول، فقد بقي رئيسًا وخرب البلد، وها هو يرشح نفسه ولكن هذه المرة بشكل ديمقراطي!
لكن أين اختفت ورقة مرشحك الذي أتيت كي تصوّت له! أنت تعرف، حتى لو حصل مرشحك على غالبية الأصوات فبشار الأسد لن يتخلى عن الحكم لبشار الحافظ أو لبشار بن حافظ الأسد!
يا أهبل من قتل كل هذه النفوس وضحى ببلده وبترسانته الكيماوية لن يتنازل عن السلطة لا بالتصويت ولا بغيره.
إذن لماذا أتيت للانتخابات؟ سؤال وجيه بالفعل!..يا ولد هل ستجرؤ على سؤال من يجلسون هناك عن ورقة مرشحك! سيعرفون حينئذ أن مرشحك ليس واحدًا من هؤلاء الثلاثة، وسيفتضح أمرك، وقد تعاقب بشكل أو بآخر..يلا خذ ورقة بشار الأسد واحشها في المعطف وارمه في الصندوق…وقل وأنت تمضي..هرمنا…بل ذُبحنا حتى رأينا هذه اللحظة التاريخية ….

1