أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
إذا التقى المسلمان بصاروخيهما!!
بقلم : سهيل كيوان ... 16.11.2017

جاء في الحديث الشريف «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار»، ونستفيد من هذا الحديث الشريف أن الاحتكام إلى الاقتتال بين المسلمين لا يجوز وعواقبه خطيرة، وحذّر من خفة اتخاذ القرار بإشهار سيف المسلم في وجه أخيه.
هذا يعني أن وجود خلافات بين المسلمين أمر طبيعي، ولكن غير الطبيعي هو الحماس للقتال، فهل سُدّت كل الطرق بين المسلمين في أزماتهم الحالية ولم يبق مفر سوى القتال والدمار والخراب؟ كيف نفهم خفة التعامل مع دماء المسلمين من قِبَل من يندب دماء الحسين وأصحابه ويقيم بيوت العزاء واللطميات منذ قرون.
وكيف نفهم تعامل دولة ترفع اسم الله ورسوله على علمها الوطني وفيها قبلة المسلمين ومحجّتهم ومن أرضها انطلقت الرسالة المحمّدية، كيف نفهم تعاملها بهذه الخفة مع دماء المسلمين؟
هل استنفدت كل الوسائل والسبل قبل الكبسة على الزر، ألم يبق أمام المسلمين من حوار سوى الصواريخ والطائرات ومحاصرة الملايين منهم وقتل عشرات آلاف المدنيين ورشهم بالمبيدات وإمراضهم وتجويعهم! ما هذا الإسلام الذي يحمله هؤلاء في صدورهم؟!
منذ ثورة آية الله الخميني الإسلامية في إيران وهي ترفع شعارات الموت لأمريكا الموت لإسرائيل، بعد أربعة عقود لا نرى سوى مسلمين يقتلون بعضهم بعضا ويمثلون بجثث بعضهم ويهينون ويغتصبون بعضهم ويتعفنون في سجون بعضهم بعضا.
ثم إذا كان وحي السّلام والمحبة بين البشر نزل على النظام السعودي، وبات متحمّسا ويحث على قبول ما يسمى «صفقة القرن» مع إسرائيل ولا تثور حميته لا لمسرى الرسول، ولا للأبرياء الذين تكتظ بهم سجون الاحتلال، ولا لدماء الناس التي تسفك، فكيف نفهم هذه الحَميّة والحماس لمحاربة المسلمين وإيذائهم وما هو تفسيرها؟
لا تفسير سوى أن مصالح الحكام هي التي تقرر التوجهات والتحركات السياسية بدون أي علاقة بدين ولا بإسلام لا من قريب ولا من بعيد، لا بأهل سُنة ولا بشيعة.
أما من يظن أن إسرائيل قد تفكر يوما بأن تخوض حربا إلى جانبه وتتحالف معه وتعامله ندا لند، فهو يعيش أحلام يقظة، ولا يعرف طبيعة النظام في إسرائيل ولا كيف تدار الأمور فيها، ولا بأي ميكروسكوب يراه بيبي نتنياهو وأصحابه.
ترى القوى المتنفذة في إسرائيل بأنكم جهلة مجرمون تقومون بالواجب وزيادة تجاه بعضكم بعضا، ولهذا لن تجد غبيا واحدا في قادة إسرائيل يدفع إلى شن حرب على حزب الله أو غيره في الوقت الحالي، قد تنبّه شعوبكم من غيبوبتها فتسألكم إلى أين أنتم ذاهبون وماذا تفعلون؟ بيبي نتنياهو يسخر مما يسمى الحلف الإسرائيلي السني ضد الشيعة، وبصعوبة يمسك نفسه عن الضحك، هذا الحلف الوهمي يعتبره الإسرائيليون مسرحية كوميدية سوداء، إسرائيل تشجع وتصفق لكم على أن تستمروا بغبائكم وأن تمعنوا بوحشيتكم، وتشكر سعيكم شيعة وسنة وآل بيت وأصحاب بيت وجيران بيت ومخربي بيت. وهل بقدرة إسرائيل أن تقتل وتدمر وتشرد مثلما فعلتم؟ هل كان بوسعها أن تدمر المدن السورية ومخيمات الفلسطينيين وتشرد الملايين إلى دول الجوار وأوروبا بالشكل الذي فعله النظام وحلفاؤه و»داعش» ومن يقف وراءه من دون إراقة نقطة دم إسرائيلية واحدة؟
أي مسؤول في إسرائيل يقرر حربا الآن لن يبقى في السلطة أبدا كائنا من كان، لأنه سوف يُحاسَب على كل قتيل وجريح قد يسقط في حرب سيئة التوقيت، فهناك من يحارب بالنيابة عن إسرائيل، من دون أن يُجرح جندي صهيوني واحد، فما السيئ بهذا، حزب الله وإيران و»داعش» وغيرها يَقتُلون ويُقتَلون على الأرض السورية فلماذا تتدخل إسرائيل الآن فتشغلهم وتشغل نفسها بهم؟
عندما تقتلون بعضكم بعضا يلتزم حكام إسرائيل الصمت بأوامر صارمة، ومن ينبس بحرف يتحمل مسؤولية ويعاقب في أقرب انتخابات، والإعلام المجنّد سوف يمزّقه، لأن فتح فمه الآن قد يسبب ضررا للمصلحة الإسرائيلية العليا. إنهم يضحكون في أعبابهم ويشربون نخب وحشيتكم التي تمارسونها بحق بعضكم بعضا.
قد لا تصمد إسرائيل أمام إغراء صيد ثمين هنا وآخر هناك، كما في تفجير النفق على ناشطي الجهاد قبل أسبوعين، أو بضربة تهذيب وتأديب في العمق السوري، ثم تعلن أنها لم تقصد قتل أحد لا في غزة ولا في قاعدة ما قرب دمشق، كل ما أرادته هو تدمير نفق أو عتاد، ولكنها تلوّح برد شامل إذا ما رد أحدهم على عدوانها.
صحيح أنها نصبت نظام القبة الحديدية في الأيام الأخيرة احتياطا وحذرا من رد، ولكن من المستبعد أن تقوم حركة الجهاد الإسلامي بالرد من جبهة غزة، بطريقة الصواريخ التقليدية على الأقل في الوقت الراهن. تلقت حركة الجهاد ضربة موجعة وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة وبلا شك أنها تفكر بالرد، ولكن معركتها ليست معركة ردود أفعال، ومن المستبعد أن ترد من قطاع غزة في الوقت الحالي، ولو أنها أرادت الرد لردّت مباشرة بعد هدم النفق من دون أن تلام كثيرا. الجهاد ليست لوحدها على الملعب الغزاوي، ولن تغامر بمواجهة تتهم فيها بتخريب جهود المصالحة وخلط الأوراق، وقد تجد نفسها في موقف حرج لها ولحلفائها وشركائها في السلاح.
بلا شك أن أكثر من طرف له ثقله يطالب حركة الجهاد بضبط النفس، قد يكون حماس وقد يكون الطرف إيران وحزب الله المشغولين بالدفاع عن ضريح السيدة زينب، وقد يكون السيسي الذي لا يرى مصلحة له بإشعال غزة، وقد يكون الشارع الغزّي المرهق بعد حصار طويل، وقد يكون كل هؤلاء مجتمعين، ولهذا فالحديث عن مواجهة واسعة في الأفق القريب أمر مستبعد، حتى لو ردت حركة الجهاد بصلية صاروخية، فإن إسرائيل سوف تستوعبها وترد بصورة محسوبة جدا لا تؤدي إلى توسيع المواجهة، ببساطة عندما يلتقي المسلمون والعرب بصواريخهم فالمطلوب في إسرائيل هو المحافظة على الهدوء والدعاء والعمل على أن يستمروا بعملهم القذر تجاه بعضهم بعضا.

كاتب فلسطيني
1