أربعة عقود بأربعة أجيال درست الرياضيات والعلوم والتاريخ والجغرافيا والوطنية والدين واللغة العربية في مدارس نظام البعث الحاكم، وتخرجت من جامعاته بمختلف الاختصاصات العلمية والأدبية.
ولأربعة عقود مضت وكلمة البديل ملغية من القاموس السياسي لقانون الترشح لرئاسة الدولة في الجمهورية العربية السورية، ولتعويض الدولة والشعب عن هذا النقص الفادح في القاموس فإنه تجرى كل سبع سنوات عملية استفتاء شكلية لانتخاب سيادته وتخرج النسبة إلى الإعلام بـ99.99′ . وما تلك النتيجة إلا خلاصة تطبيق الإرادة الشعبية لمعنى كلمة الجمهورية، التي سبقت اسم الدولة السورية والتي هي إشارة إلى أن الدولة تقوم على مبدأ سيادة الشعب وحريته في اختيار حكامه وقياداته ومشاركته الواسعة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إن داء عشق الرئيس الذي أصيب به المواطن السوري كانت نتيجته حصول تحول في نظام الحكم ليصبح نظاما جمهوريا تسلطيا على الشعب نفسه، بموجب الصلاحيات الدستورية التي منحت لرئيس الجمهورية ليطوع قوانين الدولة تبعا لرغباته السياسية والشخصية، مع الإبقاء على الشكل الظاهري للدولة الجمهورية التي أتى دستورها الموضوع عام 1973 ‘دستور الحركة التصحيحية’ وفي الفقرة الثانية من المادة الثانية منه على ان ‘السيادة للشعب ويمارسها على الوجه المبين في الدستور’. كما ان الدستور الجديد لعام 2012 في المادة الثانية منه أتى على أن ‘السيادة للشعب، لا يجوز لفرد أو جماعة ادعاؤها، وتقوم على مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب’. ولكن على الرغم من أن الدستور منح الشعب الحر السيادة إلا أنه (الشعب) لا يريدها وهو متنازل عنها، لذلك فإنه يمنحها طواعية وبرضى خاطر لسيادة الرئيس المحبوب في احتفاليات يساق اليها، تقام في الساحات العامة للمدن للتصفيق ولممارسة هوايته في الفنون الشعبية ‘الدبكة’! فهل يعقل وبعد كل هذا الرضا الشعبي أن يطلب منا في هذا الوطن المسمى ‘سوريا الأسد’ أن نبحث عن البديل الحر والمتعلم والمثقف، الذي يملك الوعي الكافي لقيادة الدولة لدورة دستورية انتخابية من سبع سنوات، هي بالمقياس الزمني لنظام حكم عائلي فرض نفسه ‘حبيّاً ‘ إلى الأبد ليست أكثر من رفة جفن؟! وبالمقابل هل يعقل أن رئيساً في دولة جمهورية جلس على عرشها والده ثلاثين عاما ومن بعده حكم هو متابعا مسيرة الإنجازات التصحيحية لوالده في القضاء على الأمية والجهل عبر مسار التعليم الإلزامي، ومع ذلك لم يستطع أن يخرّج من مدارس دولته وجامعاتها المجانية من يملك مواصفات البديل لاستلام الرئاسة؟! وفي ظلّ هذا التعجب من عدم وجود بديل لا بدّ لي من أن أتساءل ترى على أي منهج تربوي تربى سيادته، وأين درس الابتدائية والاعدادية والثانوية والجامعة.. ومن هم معلموه؟
إن صح أنه ما من بديل، وذلك صحيح، باعتراف كلّ من سيذهب إلى انتخاب الأسد آخر مايو/ايار الحالي، فماذا يمكن أن نصف جمهورا ناخبا كهذا ونظاما حاكما كهذا ورئيسا مثل هذا؟ أرى أنه يحقُّ للعلماء والشعراء أن يستعيروا أوصافا شعبية.
وإني أتــــرك لك أيها القارئ الكريم استـــــنباط الكلمات والبدء بعــــــد ذلك في الوصف لأنها على الأغلب كثـــــيرة وتناسب مقـــــام الرئاسة والرئيس .
رئيس ليس له بديل!!
بقلم : ماسه بشار الموصلي ... 06.05.2014
محامية وكاتبة سورية..المصدر: القدس العربي