سمعت هذا الكلام، وقرأت ما يشبهه: عليك أن تجري حساباتك وأنت تتخذ هذا الموقف، فأنت لا تعرف ما ستأتي به الأيام.
نصائح تبدو حريصة، أو محذّرة، أو متوعدة، ولكنني، وأنا لا آخذها بجديّة، بل بسخرية تليق بها، وبقائلها، فإنني أتوجه للقارئ لأقول له مباشرة: القضية الفلسطينية، وهي قضيتي المباشرة الأولى بحكم الولادة والانتساب لشعب فلسطين، وبحكم أنني عربي، هي قضية حياتي، وأنا منذ وعيت لم أرض أبدا بتقديم أدنى تنازل عن حبة تراب من تراب وطني فلسطين..وها قد تقدم بي العمر ولم أغيّر، ولن أغيّر..ويدعم موقفي وقناعاتي أن كل الاستجداءات ، و(معاهدات) السلام مع عدو أمتنا، لم تعد على فلسطين، وكل العرب، سوى بالخسران المبين المتواصل..وانظروا أين كانت مصر ..وأين آلت أمورها منذ السادات، مرورا بمبارك الذي أزمن في قيادة مصر إلى الخراب...
وانظروا إلى ( أوسلو) وما جره من خسارات على القضية الفلسطينية، وعلى شعب فلسطين..والخسارات مستمرة، والاستيطان النهّاب متواصل، وتدمير كل مناحي الحياة الفلسطينية متواصل، والكيان الصهيوني ما زال في حالة حرب منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، وإلى زمن سيطول إن لم يوضع له حد...
السؤال نفسه يتجدد في أفواه مدعي العقلانية : يجب أن تفكّر، وأن تحسبها، فأنت لا تعرف ما ستؤول إليه الأحوال في سورية!
نعم ، هذا نصح مثقفين ( واقعيين)، وهو نصح ملغوم، وفي جوهره ينم عن جبن وانتهازية بعض ( المثقفين) الذين يغلفون مواقفهم ( بوقار) سماته الموضوعية، وهو يساق لتبرير الانتهازية التي يحرجها سفور سمات وجهها وخطابها.
هؤلاء يريدون أن يوحوا بأن الانتصار مشكوك فيه، وأن ( وقوفك) مع سورية يضعك في ( موقع) المنحاز لنظام الحكم، وكأن المعركة في سورية بين جيوش الإرهاب الملتحية الممولة سعوديا وقطريا، والمسلحة تركيا ، والمدعومة صهيونيا وأمريكيا لا تستهدف الشعب السورية، ولا الدولة السورية بكل مؤسساتها وفي مقدمتها الجيش الوطني العظيم، ولا وحدة سورية !!
أنا أقف مع سورية: الوطن، والشعب، والجيش، والدولة، وهذا واجبي كعربي، وككاتب، ذلك أن سورية بالنسبة لي هي ( ما تبقّى) للعروبة، فإن ( ذهبت) رياح التآمر على سورية بها..فإن زمن التصهين العربي سيسود لعقود ، وسينهك أمتنا، ويضيّع قضية فلسطين، وسيدخلنا في عصر الظلام والاستتباع الصهيوني عبر وكلاء يتكلمون العربية ( المكسرة) ، ولا يربطهم بأمتنا وبوطننا وبإنساننا العربي، لا صلة دم، ولا هوية، ولا طموحات، ولا سعي لتحقيق دور لأمتنا بين الأمم.
إذا خسرت أمتنا فلا ربح لأي مواطن عربي، ولا لأي شعب عربي، ولا لأي بلد عربي ( إقليمي)..ولذا فإنني أرهن مصيري ومستقبلي وحاضري بمصير المعركة في سورية، وفلسطين، و..بالمقاومة التي أنا على يقين من انتصارها الحتمي، رغم الخسائر التي تلحق بها، ولا تغيب عن عيني معاركها المظفّرة في لبنان، وفلسطين _ رغم الحال الراهن..الانقسام، والتيه السياسي _ والمعركة المصيرية الاستراتيجية على الأرض السورية.
لم أتلق دعوة من أي طرف تستحثني للانحياز لسورية، وهي تخوض المواجهة العظيمة متصدية للإرهاب التكفيري المأجور الأداة، لأنني بلمح البرق عرفت ( معسكر) الأعداء المتآمرين، وأدركت أهدافهم، فحددت موقعي...
وفروا نصائحكم الخبيثة التي تبرر تهربكم من المسؤولية، وتضعكم في مواقع شهّاد الزور الخبثاء...
أنا مع سورية ، وأسحب من رصيدي الوطني والثقافي، وليس يؤثر في مسيرتي حرماني من الجوائز، و( التلميع) الإعلامي، فأنا رفضت هذه ( النعم) المخزية المشتراة بالنفاق ، وبيع الضمير...
أنا مع سورية، لأنني مع فلسطين، ومع دمشق لأنني مع القدس، و..وسأبقى ضد المسمسرين على أمتي، وثقافة الاستسلام، وتزوير الوعي، وسيبقى الكيان الصهيوني هو العدو الرئيس الاستراتيجي، وستبقى فلسطين كلمة السر دائما..حتى التحرير والعودة.
سماء دمشق رغم القذائف صافية، وفيها يرتفع إلى جانب العلم السوري ذي النجمتين علم فلسطين، ولن يرتفع في سمائها علم الكيان الصهيوني..أليس لهذا تتواصل الحرب على سورية، وشعبها العربي العريق، وعلى دورها؟!
ترددكم، ونصائحكم، وانتهازيتكم ستلحق بكم العار، وهذا عار لن يغتفر، وصحافة وفضائيات النفط والغاز لن تغسل عاركم!
هنا: لا أُجري حسابات الربح والخسارة!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 20.05.2016