أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الإدارات الأمريكية متآمرة دائما على فلسطين!!
بقلم : رشاد أبوشاور ... 17.02.2017

لم تقف، في أي يوم، إدارة أمريكية، جمهورية، أو ديمقراطية، مع ( الحق) الفلسطيني، لا قبل نكبة فلسطين، ولا بعدها..ولن تقف على الحياد أبدا.
جوهر الموقف الأمريكي ( عقائدي) و( مصلحي) إستراتيجي، فالكيان الصهيوني مستنسخ عن النشأة الأمريكية التي قامت على إبادة أصحاب البلاد الأصليين، و( تطهير) أرضهم منهم، و( تورات) النشوء لدى الطرفين واحد، مع عدم الإيمان بأي دين، سوى دين المصلحة، الذي يبرر كل جرائم الإبادات العنصرية المتوحشة.
هل كانت القيادات الفلسطينية، وكل المتوهمين، والسائرين وراء السراب، بحاجة للتيقن من الدور الأمريكي الذي تجدد في لقاء نتنياهو مع ترامب؟!
ترامب مهتم بعملية السلام بين الفلسطينيين و( الكيان الصهيوني) بغض النظر عن إمكانية قيام دولة فلسطينية.يعني: المهم: عملية السلام، والمقصود هنا أن يتخلّى ( الفلسطينيون) عن المطالبة بدولة عاصمتها القدس الشرقية، لأن عملية السلام هي الأهم!!
ليس تصريح ترامب ما أنهى الأمل بالدولة الفلسطينية، لأن إمكانية تحقق دولة فلسطينية على الأرض قد انتهت أثناء سنوات التفاوض، أي منذ توقيع اتفاقات أوسلو في البيت الأبيض بتاريخ 13 أيلول عام 1993..والتي هي سنوات نهب متواصل للأرض الفلسطينية في الضفة الفلسطينية.
لم تبق مساحة متصلة على أرض الضفة تسمح بنشوء دولة، فالجدار، والمستوطنات، والطرق الالتفافية، والمصادرات، وسياسة الهدم للبيوت في القدس، وحولها، وإباحة الاستيطان بقرار الكنيست( التسوية) الذي يمكن من الاستيلاء على أرض أي فلسطيني..و( التعويض عليه ( بالمصاري)_ تأملوا حقارة النظرة الصهيونية للفلسطيني، وعلاقته بأرض أجداده_ مع حرمانه حق من المقاضاة. هم يُشّرعون، وهم ينفذون، وهم يقررون، وهم يعاقبون..هذه هي العلاقة مع شريك ( السلام) ..سلام ( الشجعان)!
المأزق الفلسطيني ذاتي، وعربي، هو ذاتي بسبب قصر النظر في فهم الصراع، والتحايل على حقائقه لتسهيل السير في درب أوصل إلى أوسلو، وها هو يضع قضيتنا أمام جدار يغلق طريق الوهم، ويفضح جوهره.
والمأزق عربي، وهو كان كامنا، وغير خاف، ومنذ بدأت القضية الفلسطينية في البروز، وقد تفاقم مع نشوء دول النفط، وبخاصة السعودية التي ناصبت العداء دائما كل التطلعات القومية العربية للنهوض والتقدم والاستقلال الحقيقي عن دول الغرب الاستعماري.
عملت السياسة السعودية ، فلسطينيا على الإفساد السياسي، والدفع باتجاه تقديم التنازلات، وكان الهدف، وما يزال، يتجلّى في إنهاء الصراع العربي _ الصهيوني، وتقزيمه إلى صراع فلسطيني _ صهيوني، والدفع لتقديم التنازلات فلسطينيا على طريق ( التسوية)!.
القوى الرجعية العربية عملت دائما على التآمر على القضية الفلسطينية، ورأت مصلحتها في إنهاء الصراع، لأنه يحمل في طياته فضحا لها، وتأليبا للجماهير العربية لمواجهة قوى الاستعمار، التي كانت تتمثل في بريطانيا وفرنسا، ثم تكرّست في الإمبريالية الأمريكية، حليفة الكيان الصهيوني وراعيته، والمهيمنة على نظم الرجعية العربية.
في هذه اللحظات، والقيادات الفلسطينية تقف عاجزة أمام المأزق الذي فاقمته تصريحات ترامب وهو يستقبل صديقه نتنياهو: لا يجب انتظار تحوّل تاريخي إستراتيجي من القيادات الفلسطينية التي قادت شعبنا وقضيتنا إلى هذا المأزق، سواء قيادات رام الله، أو قيادات غزّة، إذ المطلوب قطيعة تامة مع خطاب التسوية الفاشل بعد قرابة 23 عاما ضاعت وضيعت الأرض ووحدة شعبنا، وأوهنت علاقة الجماهير العربية بقضيتها الفلسطينية .
سيبقى هناك من يراهن على تغيّر الموقف الأمريكي، والعودة إلى طرح حل الدولتين، وسيبقى هناك من يزاود في غزّة ابتزازا لسلطة رام الله، وسيتواصل الانقسام وستضيّع الأسئلة الواجب طرحها، والتي تحّض على البحث عن الخيارات الصحيحة الثورية التي توحد صفوف شعبنا وتأخذنا للسير على طريق، قد يبدو صعبا جدا، ولكنه الطريق الذي إن واصلنا السير على غيره فسنخسر كل شيء.
دون غمغمة، وإضاعة للمزيد من السنوات، نقول: ثبت أنه لا إمكانية للسلام مع الكيان الصهيوني، رغم كل ما قدمته القيادة الفلسطينية الرسمية من تنازلات.فهل سنضيّع المزيد من الوقت رهانا على أمريكا عدوة قضيتنا والمعادية لكل حالة نهوض عربية ؟!
جوهر الصراع هو: صراع وجود لا صراع حدود. فلسطين عربية. قوى الرجعية العربية لم تكن يوما مع فلسطين، بقيادة آل سعود، وهم اليوم يتحالفون مع الكيان الصهيوني، ويدمرون طاقات الأمة، ويشغلونها عن أقدس قضاياها، وهذا يتجلّى في سورية، واليمن، والبحرين، وليبيا، ومصر...
أمريكا لن تكون يوما محايدة ولن تتخلّى عن دعم الكيان الصهيوني، وهي لن تكون وسيطا_ ومن العار أن يكون هناك رهان على هذا الدور لها_ نزيها، فكل الإدارات الأمريكية كانت غير نزيهة، وعدوانية..من ترومان الذي رعا أكبر عملية هجرة يهودية من أمريكا إلى فلسطين..وصولاً إلى ترامب.
آن الأوان أن نعود بقضيتنا إلى جوهرها، وأن نطرح السؤال البسيط الشديد الوضوح: من مع فلسطين، ومن يتآمر عليها؟!

1