أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الأورومتوسطي : المرأة العربية في الشرق الأوسط: الضحية الأضعف!!
بقلم : الديار ... 08.03.2019

في الوقت الذي يحتفي فيه العالم اليوم بالمرأة وحقوقها بـ"اليوم العالمي للمرأة"، الذي أعلنته الأمم المتحدة في 8 من مارس/آذار من كل عام، تتعرض المرأة العربية في العديد من بلدان الشرق الأوسط لانتهاكات حقوقية جسيمة كلفتها في بعض الأحيان حياتها.
ولا تزال العديد من حكومات الشرق الأوسط تعتبر المرأة أقل شأناً من الرجل وتمارس التمييز بينهما في العديد من مجالات الحياة بالإضافة إلى الحقوق الأساسية. كما يُلاحظ ذلك بشكل جليّ في البلدان التي تشهد حروباً ونزاعات مسلحة كسورية واليمن، والتي دفعت المرأة فيها ثمناً لتلك النزاعات تنوّع بين استهدافها بالقتل أو الاعتقال والإخفاء القسري.
وفي السياق، سُجّل في العديد من البلدان وعلى رأسها سورية وقوع المئات من الضحايا من النساء اللواتي قضين إثر القصف الجوي والبري وحصار المدنيين أو تحت التعذيب في أقبية المعتقلات وسجون الأمن والمخابرات.
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وضمن عمله برصد وتوثيق الانتهاكات في بلدان الشرق الأوسط ومنها سورية ومصر والسعودية واليمن وليبيا، يسلّط المرصد الأورومتوسطي الضوء اليوم على بعض الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة العربية في تلك البدان، ساعياً إلى أن يشكل التقرير الموجز دافعاً للمنظمات والمؤسسات الداعمة للمرأة لبذل المزيد من الجهود في سبيل دعم ومناصرة المرأة العربية في مختلف بلدان الشرق الأوسط.
سوريا
تعيش سورية منذ العام 2011 حالة حرب غير مسبوقة استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة من قصف جوي وبري بشتى أنواع القذائف من صواريخ وبراميل متفجرة، بالإضافة إلى حملات الاعتقال التي طالت آلاف المدنيين، والتي تُنفّذها مختلف الأطراف المتنازعة، بالرغم من تفاوت نسب المسؤولية بين تلك الأطراف.
ورغم تراجع وتيرة الأعمال العسكرية، إلا أنّ الانتهاكات التي طالت المرأة السورية استمرت طيلة عام 2018، إذ أكدت مصادر حقوقية للمرصد الأورومتوسطي مقتل "1361" امرأة وفتاة خلال العام الماضي، في حين بلغت الحصيلة الإجمالية للضحايا النساء في سورية منذ العام 2011 وحتى نهاية 2018 ما يزيد عن 27200 ضحية.
وبحسب ما وثقته المصادر الحقوقية، فإنّ حوالي 91% من الضحايا السوريات قضين على يد القوات الحكومية، فيما قضت البقية على يد قوات المعارضة السورية والمجموعات المتطرفة المعارضة.
ولم تكن أعمال القتل والتصفية الانتهاك الوحيد الذي تعرضت له المرأة في سورية، بل أضيف إليه جملة من الانتهاكات التي شملت الاعتقال والاخفاء القسري والتعذيب والاغتصاب، إذ بلغ عدد المعتقلات في السجون التابعة للحكومة السورية 8057 امرأة وفتاة، في حين يبلغ عدد المعتقلات في سجون فصائل المعارضة ما يقارب 911 امرأة وفتاة، و489 امرأة وفتاة في سجون التنظيمات الإسلامية المتشددة، ونحو 449 امرأة في سجون قوات الإدارة الذاتية الكردية.
ويلاحظ الأورومتوسطي أنّ غياب المساءلة القانونية عن تلك الجرائم أدى إلى تمادي الأطراف الفاعلة في الحرب السورية في استهداف المرأة السورية، في ظل عدم وجود أي حراك قانوني دولي جاد لمحاسبة الأطراف التي ترتكب تلك الجرائم.
السعودية
بالرغم مما روجت له السلطات بإعلانها حزمة من الإصلاحات الحقوقية التي تهدف إلى توسيع الحريات في المملكة وعلى رأسها حقوق المرأة، إلا أنه وعلى أرض الواقع ووفقاً لما رصده الأورومتوسطي، فإنّ التضييق على المرأة في السعودية لا يزال مستمراً، إذ نفذت السعودية خلال عام 2018 حملة اعتقالات طالت ناشطات حقوقيات بتهم غير واضحة.
ففي شهر مايو/أيار الماضي، اعتقلت السلطات لجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، وجميعهنّ ناشطات حقوقيات اشتهرن بدفاعهن عن حق المرأة بقيادة السيارة ومطالبتهن برفع وصاية الرجال على النساء.
ونُقل عن عائلة الناشطة لجين الهذلول تعرض ابنتهم للتعذيب في السجون السعودية، إذ أفاد والداها بتعرض ابنتهما للضرب والتعذيب بالكهرباء والتهديد بالاغتصاب.
وبشكل عام ورغم الحديث المتكرر من قبل الساسة في المملكة العربية السعودية عن الإصلاحات ومنح الحريات للنساء، إلّا أن النساء في المملكلة لا يزلن يتعرضن لانتهاكات خطيرة تمس حقهن في حرية التعبير عن الرأي، بالإضافة إلى سجّل حافل من الانتهاكات فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة في السعودية.
اليمن
أدى استمرار المعارك بين مليشيا الحوثيين/صالح وقوات التحالف العربي (الذي تقوده السعودية) إلى تردي الأوضاع الإنسانية في اليمن، والذي قالت عنه الأمم المتحدة إنّه "يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
وبالتزامن مع الأزمة الإنسانية، وُثّقت العديد من الانتهاكات الخطيرة بحق النساء اليمنيات، سواء من طرف ميليشيا الحوثي/ صالح أو من طرف قوات التحالف العربي.
وكما هو الحال في مناطق النزاعات، فإنّ أبرز الانتهاكات التي طالت المرأة اليمنية كان الاستهداف المباشر، والذي أدى إلى إصابة 1633 اليمنيات بفعل الرصاص وشظايا القذائف وانفجار الألغام الأرضية.
أما عن الجهات المتسببة بالإصابات، أكّدت مصادر حقوقية للمرصد الأورومتوسطي أنّ 1312 امرأة يمينة أُصبن بسبب انتهاكات جماعة الحوثي وصالح، في حين أصيبت 180 امرأة بسبب انتهاكات جماعة الحوثي وحدها بعد فك ارتباطها بقوات صالح، فيما سجلت 114 حالة إصابة بسبب انتهاكات قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، وسُجّلت 13 حالة بسبب انتهاكات قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية.
مصر
شهدت جمهورية مصر العربية في العام 2018 العديد من الانتهاكات الحقوقية التي طالت نساء مصريات، إذ سجّل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مؤخراً ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المعتقلات والمحتجزات ذوات التوجه السياسي المعارض، وبلغن عددهنّ في الوقت الحالي نحو (64) معتقلة، فيما وصل عدد اللواتي أُخفِينَ بشكل قسري إلى (5) سيدات، لم تعرف أماكن احتجازهن بعد.
وكان المرصد الأورومتوسطي أكد أن الانتهاكات بحق المرأة في مصر تتم على الرغم من أن الدستور والتشريعات المحلية المصرية تنص على العديد من القواعد والمواد القانونية الإلزامية التي تحظر الاعتقال التعسفي، وتوفر حماية خاصة للمرأة من أشكال العنف كافة.
وشدد الأورومتوسطي على أن المرأة المصرية، وبالأخص ذات الانتماء السياسي المعارض لنظام الحكم معرضة بشكل دائم ومتصاعد للتنكيل، حيث رصد الأورومتوسطي انتهاك حقوق أساسية لعدد من المحتجزات والمعتقلات، تعرضن لها خارج إطار القانون واللوائح التنفيذية الملزمة.
ليبيا
أدّى التوتر الأمني الذي تشهده ليبيا والعديد من بلدان الشرق الأوسط إلى ظهور مشكلات اجتماعية وقانونية تتعلق بالمرأة الليبية.
ورصد الأورومتوسطي خلال العام 2018 ارتفاعاً ملحوظاً في المشكلات المتعلقة بزواج المرأة الليبية من أجنبي، إذ يتم تقييد حرية المرأة في الاختيار بعدة قيود قانونية واجتماعية. وعلى مدار السنين، عُدَّ زواج الليبيات من أجانب من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا في ليبيا من حيث مدى قبوله ورفضه سواء من قبل الدولة أو المجتمع، وعَزز ذلك تركيبة المجتمع القبلية التي تتحسس من الزواج الأجنبي لأسباب ثقافية واجتماعية.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه وخلافاً للّيبي الذي يتزوج من غير ليبية، لا يحق لأبناء الليبية المتزوجة من أجنبي التمتع بجنسية أمهم إلا وفق تعقيدات تفضي غالباً إلى أنهم يصبحون – ما لم يحصلوا على جنسية والدهم- أطفالاً عديمي الجنسية، وهم على أية حال لا يتمتعون بمجانية التعليم والرعاية الصحية التي يتمتع بها الأطفال الذين ولدوا لأب ليبي، ويصادر حقهم كاملًا في المواطنة، ولا يعترف لهم بالحقوق السياسية.
وأكد المرصد أن المعاملة القانونية للمرأة الليبية في هذا الخصوص تخالف الالتزامات الدولية على ليبيا بموجب اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى ضرورة تعديل قانون الزواج من غير الليبيين والليبيات رقم 15 لسنة 1984م، بما يكفل حق المرأة الليبية وحريتها في اختيار شريك حياتها وبما يتماشى مع المواثيق والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل ليبيا.
نتائج وتوصيات
أمام ما سبق، يؤكد المرصد الأورومتوسطي أنّ الانتهاكات التي ذُكرت في هذا التقرير الموجز هي جزء من معاناة المرأة العربية في بعض دول الشرق الأوسط، وعليه يدعو إلى:
- ضرورة التزام السلطات المحلية بالتزاماتها الدولية، خصوصاً التزامها بمعايير حقوق الإنسان في كافة الإجراءات التنفيذية والتشريعية والقضائية ذات الصلة باعتقال النساء بشكل تعسفي، أو تعريضهن للمحاكمة أو ظروف احتجازهن.
- وقف كافة ممارسات العنف السياسي والممارسات التي تتعرض لها المرأة من اعتقال تعسفي وإخفاء قسري.
- الإفراج الفوري عن النساء المعتقلات لأسباب سياسية أو على خلفيات تتصل بالرأي والتعبير.
- العمل على تطوير التشريعات والقوانين المحلية بما يضمن حصول المرأة على كافة حقوقها المدنية ومنها حقها بمنح الجنسية لأطفالها، وحقها بمساواتها مع الرجل في الحقوق المدنية.
-العمل على تحييد المدنيين ومنهم النساء عن العمليات العسكرية التي تشهدها مناطق النزاع في الشرق الأوسط، وحث جميع الأطراف على الالتزام بالقانون الدولي.
وفي الختام، يطالب المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي، ولا سيما اللجان والمقررين الخواص المعنيين بالجرائم التي ترتكب بالشرق الأوسط، ومنها الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب، ولجنة مناهضة التعذيب، والمقرر الخاص المعني بحقوق المرأة، والفريق العامل بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، بمراقبة الوضع في البلدان العربية المذكورة في هذا التقرير عن كثب، والسعي إلى رصد الانتهاكات وتوثيقها، والضغط على الحكومات في تلك البلدان لوقف انتهاكاتها بحق المرأة بشكل تام وفوري، وتقديم المسؤولين عن ارتكابها للعدالة.

1