أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
كاد المعلم أن يكون رسولا!!
بقلم : د. محمد أبو رصاع  ... 07.09.2019

عذرا أحمد شوقي , لا قِيام يُبيض اليوم وجه القصيد ولا تبجيلا يُوَفَى لأجل المُعلم بل أزفت الآزفة وحقّ العَويلا,, فقُم أيّها المعلم فحِملك اليوم ثقيلا.. فبينما كنت تخشى تمرد الطالب في الصّف ها أنت تُفاجأ أن الذي يجب أن يٌعاد تربيته هو منظومة بأكملها تتطاول أياديها المشئومة في عملية سحل لكرامة المعلم وهيبته ..
تحضرني هنا قصة بناء سور الصين العظيم الذي بُني بجبروت عال إلا أنه تعرضت الصين لأكثر من غزوة والسبب أنه كانت تدفع الرشاوى للحارس ويتم الدخول بكل سهولة وبكل بساطة.. نعم بنت الصين سورا عاتيا لكنها نسيت أن تربي الحارس , التربية التي سقطت من كل رجل أمن سوّلت له نفسه أن يعتدي على أهم سور في الدّولة سور التعليم الذي يملك ومن المُفترض حصانة عالية بل هو الخط الأحمر القَار في قلب المجتمع ولا يجب التعامل معه إلا بكل وقار وانحناء تام.
قال الإمبراطور الياباني،: "إن دولتنا تقدّمت، في هذا الوقت القصير، لأننا بدأنا من حيث انتهى الآخرون، وتعلّمنا من أخطائهم، وأعطينا المعلّم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير" حتما لا يريد المعلم الأردني كل هذه الميزات الخيالية ولا يريد أجرا يستوعب كل تلك المنافع والرفاهية والتي باتت حلما بعيد المنال في ظل الأزمة الخانقة التي تمر بها الأوضاع العامة , لكن عندما يعلو صوت المعلم في الشارع فاعلم أن الطبشور الأبيض الذي يخط به حرفا على السبورة قد أضحى أسودا وأن جيْب المعلم مثل أي موظف عادي هو جيب مغلول وغالبا ما يتم نفقات الشهر وهو ملموما مدحورا , نعم قد يغيب عن عقل ذلك الشرطي أو الدركي الذي شتم المعلم أنه في الأصل لا يقل مرتبة عن مرتبة الطبيب صوت المعلم ما هو إلا حق شرعي لتحسين حقوقه المهنية ولا يجب أن يُجابه بالرّكل و الهراوات والقنابل المسيلة للدموع , ليتصاعد المطلب من مطلب في زيادة في الأجور إلى مطلب آخر هو أهم من الخبز والماء مطلب حريته في التعبير عن همومه ومطالبه بكل تحظر وسلمية وان كنا نريد أن نقتدي بتجارب الغير فلنخلق ثقافة تـعزز الصورة الشخصية للمعلّم، وتجعل من عمله واجبا مقدّسا والقطار الذي يقود الأمة إلى التقدم.. هذا الإنسان النّبيل المهدورة كرامته اليوم يقول مخاطبا الوزير والعالم ردا على سؤال وجه له " من أنت ؟ فيقول أنا البلد.. أنا الأردن أنا علِّمتك ترسم العلم وتعرف شُو يعني الوطن والولاء”..!"
نعم أنت الأردن وأنت الشمس وأنت العَلَم .. ما الذي تنتظره الحكومة من تداعيات جديدة إذن في ظل تمسك كل طرف بمبرراته غير استثمار في مشهد العنف قد يأخذ منحنى خطيرا في مطلع السنة الدراسية التي لا شك سوف تكون عواقبها وخيمة على التّحصيل العلمي للطالب وتأخير ركب العام الدراسي..
نعم أحمد شوقي كاد المعلم أن يكون رسولا لكن الرسالات غالبا ما تواجه بالقمع والإجهاض والقمع واليوم وبعد إهدار كرامته فان تقدير المعلم هو أغلى جائزة يطمح إليها الآن وقبل مطالبه الأخرى كمواطن شعاره الأول والأخير.."ارفع راسك فوق أنت معلم أردني"

1