أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
فرسانٌ بلا جياد؟!
بقلم : محلي الحاج ... 26.08.2015

الجدّ والهزل، في الإعلام المصري، لا يمكن تبيّنهما إلاّ بصعوبة، فهما خطّان متوازيان، يلتقيان، وللأسف، وبعيدا عن علم الهندسة، عند نقطة واحدة، هي "وكسة" إصابة، ساسة أرض الكنانة، وشعبها، في مقتل!
فقبل سنتين من اليوم تقريبا، هبّ عدد من أعلام مصر، في الإعلام المصري، لنجدة الرئيس عبد الفتاح السيسي، من تآمر مديرة"التايم" حينها، نانسي غيبس، وفريق تحريرها، مع جماعة الإخوان المحظورة، وذلك إثر استثناء الرئيس المصري، من نياشين، شخصية العام 2013، وتوشيح صدر بابا الفاتيكان فرانسيس الأول بها، ومنذ أيام قليلة، روّجت وجوه إعلامية، موجا، وهياجا، بالاستناد إلى صحف غربية، هذه المرة، تهما غليظة، تشير إلى اختراق غير مسبوق، من جماعة الإخوان، وعلى أعلى مستوى، لمنظمة العفو الدولية، بعد تقاريرها، عن وضعية حقوق الإنسان بمصر. وبالتزامن مع هذا الحدث، السّبق، في نظر إعلام مصر، غرّد شيخ الحرم المكي، سعود الشريم، مهاجما بضراوة، كل ليبيرالي، لم يحتضن الإسلام، ولم يوفّه حقه. فخشيت"مكرُمة"، أن يؤخذ الشيخ ، على حين غرّة، بجريرة مصرية "إخوانية"، و يتأبّط أحبار إعلام المحروسة، سيوفهم كالعادة، فيدنون بالغالي، والنفيس، رجما، لمن عادى الليبيراليين، ـ طبعا باعتقادٍ أن الرئيس المصري هو المستهدف ـ، ونعتهم بأوصاف منكرة، لكن وعلى ما يبدو، فقد ارتفع صوت العقل، وكظم نجوم، فضائيات مصر، غيظهم، ولم يذهبوا إلى "فلجة"، للثأر من علاّل، خصم المؤودة، ظلما، وعدوانا، "سراب"..!
أما بعد:
إن الإعلام في منظوره البسيط، كسلطة حكم رابعة، تدبيرٌ راقٍ، بتعبير محترم واقٍ، ينهض بالأمم، في السّعة والمحن، ولا يمكن له أن يكون، في أي حال من الأحوال، وسيلة للاغتراف من الموائد، أو غسل الصحون، ولعق الزوائد، فالأولى استغلال للإعلامي، من خلال تكسّب، وامتياز، بعيدا عن أخلاقيات المهنة، أما الثانية، فإهانة، وخيانة، وعبودية رقطاء..!
ثورية رايات، الإعلام المصري، بمقوّمات خلع العذار، واستنطاق حقيقة الوقائع، باستيفاء شروط، نمطية، تاريخية، لحبّ البلاد، بنرجسية، هستيرية، تضرب الأخماس بالأسداس، في ختام كلّ مأمورية وطنية، سياسية، أو رياضية.
ولا أدري كيف يجد البعض، مبرّرا لهذا النهج الشاذ، بالقول أن الإعلام المصري، يكابد مهنيا، ويطعن بغلّ، أبجديات العمل الصحفي، وفق أجندة سياسية، مُعدّة في دواليب صنع القرار، وأن ما ينفثه، من هواء أصفر، رسائل إنابةٍ، مشفّرة، عن القيادة السياسية، والأمثلة كثيرة، لكن نتساءل ببراءة عاميّة، ماهي تلك المرجعية، التي أٌنيط بها، إعلاميون، يقدحون الديانات، بعنف، وبتهجّمون بشراسة، بمناسبة، وبدونها غالبا، على دول عربية شقيقة، وهو ما يحدث مع السعودية، وقبلها المملكة المغربية الشقيقة، وما محلّها من الإعراب"الديبلوماسي"؟
الإعلام المصري، وبمساره الذي انتقده الكثيرون، من أهل الاختصاص، يقصم همّة الشعب المصري، ويزرع الشكوك، بشواهد، شاردة، تبتعد عن واجب التحفّظ، أحيانا، وقطع دابر التكهّن، بصدر اليقين، دائما.
توازن، ومصداقية، وموضوعية، في مهبّ الريح، وكما يقال، فرُبّ ضارة نافعة، وقد تكون قيود، قانون مكافحة الإرهاب، المثير للجدل، مقدمة، لوقف مواقف العبث، بسمعة مصر، و التي أحرجت كثيرا، السلطات الرسمية، وعلى رأي المذيع أحمد موسى، فالقانون سينأى بمهازل، تَردّي روح مسؤولية، الصحفي المصري، وهي شهادة، بعيون، وآذان، من عمق"المشهد" الإعلامي المصري. الآخذ في التسيّب، والمكابرة بالإثم، والشتم.
في العام 2004، أوفدت قناة أبوظبي، الإخبارية، للجزائر، من يلتقي بالرئيس المترشح، للعهدة الرئاسية الثانية، عبد العزيز بوتفليقة ، الموفد الإعلامي المغربي، لم يخف دهشته، مستغربا، وبلغة الاستهجان، الكم ّالهائل، من ألفاظ الناب، والسّباب، وذمّ الرئيس، والعملية السياسية برمّتها، والتي حفلت بها الصحف الجزائرية، من العام 1999 إلى العام 2004، حرية نقدٍ بالأنياب، والقواطع، سواء في المقالات التحليلية، أو الرسوم الكاريكاتورية.
ابتسم الرئيس الجزائري، في دلالة واضحة، على التمادي الصارخ، في خرق"مقزّز"، لسقف حرية الرأي، ووعد بالتسوية، وليس بكتم الأنفاس، مؤكدا أن هذا الإنفلات القبيح، لن يستمر مستقبلا، وهو ما حدث بالفعل، في العشرية الأخيرة، إلتزام بثوابت أخلاقية، صرفة، لأداء إعلامي هادف. أما المثير في كلام الرئيس، في ذلك اللقاء، فتشديده على أنه، وحتى في الدول الكبرى، كفرنسا مثلا، لا حصرا، معايير انتقاد، بناّءة، وضوابط تعاطي، إيجابية، مع الشأن السياسي، حماية للأمن القومي، وسيادة الأرض، فهل يتنبّه إعلام مصر، ويراجع حساباته، قبل أن ينفرط العقد، ويُهان العِرض، قبل الأرض..؟!

1