أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
وواغادوغو..بوركينا فاسو : على غرار مالي.. فرنسا نحو القطيعة مع بوركينا فاسو!!
23.01.2023

في مؤشر جديد على تراجع النفوذ الفرنسي لدى مستعمراتها السابقة في أفريقيا، أفادت وكالة المعلومات البوركينابية (AIB) في نهاية هذا الأسبوع، أن حكومة بوركينا فاسو “نددت بالاتفاق الذي يحكم وجود القوات المسلحة الفرنسية على أراضيها منذ عام 2018 مطالبة بانسحاب هذه القوات من أراضيها في غضون شهر؛ وهو ما ردّ عليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالقول إنه ينتظر توضيحات من السلطات الحاكمة في واغادوغو بشأن الموضوع، معتبراً أن الرسائل التي تم تداولها في هذا الشأن تنطوي على غموض كبير، ملمّحاً إلى وجود علاقة لروسيا بهذا الموضوع”.الحقيقة هي أنه منذ الانقلاب الذي أوصل النقيب إبراهيم تراوري إلى السلطة في سبتمبر الماضي، تدهورت العلاقات بين باريس وواغادوغو. كما هو الحال في مالي، يرى مسؤولون ومراقبون فرنسيون أن “الإغراء” الروسي يدفع إلى الانفصال عن فرنسا، موسكو تناور لإخراج فرنسا من منطقة نفوذها السابقة.تشير التقديرات في باريس إلى أن سلطات بوركينا فاسو ما تزال منقسمة حول مسألة الوجود الفرنسي في البلاد. ومع ذلك، فقد تمت دراسة خيار المغادرة منذ عدة أسابيع، وخرجت مظاهرات ضد الوجود الفرنسي يوم الجمعة 18 نوفمبر عندما أنهت فرنسا عملية برخان في الساحل. كما تحدث وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو عن الفرضية علناً، إذ لم يستبعد رحيل القوات الخاصة الفرنسية، قائلاً: “من الواضح أن مراجعة استراتيجيتنا العامة في أفريقيا تشكك في جميع مكونات وجودنا، بما في ذلك القوات الخاصة”.بينما سافرت كاتبة الدولة لديه كريسولا زاكاروبولو في أوائل الشهر الجاري إلى واغادوغو في “زيارة مجاملة”، بعد أيام من اعتبار السلطات البوركينابية السفير الفرنسي لدى بلدهم لوك هالادي غير مرغوب فيه.أمام الرياح المتزايدة المعادية لفرنسا، مظاهرات مناهضة للفرنسيين في بوركينا فاسو في الأشهر الأخيرة، واستخدام مقاطع فيديو على شكل رسوم متحركة لتقديم الجنود الفرنسيين في شكل فئران أو “زومبي”، اختارت باريس، في المقام الأول هيئة الأركان العامة، عدم لفت الأنظار. لكن اليوم، بات العديد من المراقبين يتساءل بشأن احتمال تكرار السيناريو المالي في بوركينا فاسو؛ التي يتمركز ما بين 400 و500 جندي فرنسي في عاصمتها واغادوغو، كجزء من فرقة Sabre، أو القوات الخاصة التي دعمت عملية برخان، التي وضع لها الرئيس الفرنسي حداً مع مغادرة الجيش الفرنسي مالي نهائيا في أغسطس الماضي بعد نحو عشر سنوات من بدء تدخله ضد الجماعات الجهادية في منطقة الساحل.تنقل صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية عن الباحث المتخصص في منطقة الساحل إيلي تينينباوم، قوله: “المغادرة الفرنسية مسألة وقت”. بالنسبة لمدير مركز إفري للدراسات الأمنية، فإن القوة “الهشة للغاية” للكابتن تراوري تريد الآن “إقصاء فرنسا”. وبينما كان الجيش الفرنسي قد اختار ترسيخ وجوده في واغادوغو عام 2008 بسبب استقرار البلاد، يؤكد الباحث “الانهيار السريع لبوركينا فاسو: الوضع الأمني يتدهور في شمال البلاد، وهو الآن خارج سيطرة القوات الأمنية”.ولتأمين سلطتهم، يأمل الانقلابيون في بوركينا فاسو بدعم روسيا لهم، التي يبدو أنها دخلت في حرب نفوذ مفتوحة مع فرنسا، مع تواجد مرتزقة مجموعة فاغنر في مالي وليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى.صحيح أن انسحاب القوات الفرنسية من بوركينا فاسو لن يطرح تحديا لوجستيا، لكنه يطرح بشكل أكثر إلحاحا مسألة الاستراتيجية العسكرية الفرنسية في أفريقيا، مع العلم أن الجيش الفرنسي ما يزال منتشرا في النيجر لمحاربة الجماعات الجهادية في منطقة الحدود الثلاثة، وفي تشاد، التي أقامت معها فرنسا شراكة طويلة الأمد. كما أن جنوداً فرنسيين يتمركزون في السنغال وكوت-ديفوار والغابون. وهو وجود، أكدت صحيفة “لوفيغارو” عن طرحه على الطاولة في الإليزيه على أمل وضع حد للاتهامات ضد نفوذ باريس.ويبدو أن المشاورات جارية بين فرنسا ومحاوريها الأفارقة لتحديد الشراكات المستقبلية. وقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه “سيتحدث قريباً عما يربط بلده بأفريقيا”.


1