يتواصل الجدل في فرنسا بعد الكشف عن هوية أحد أبرز المشتبه بهم في قضية سرقة مجوهرات التاج الفرنسي من متحف اللوفر بباريس، وهي العملية التي وُصفت إعلاميًا بأنها “سرقة القرن” نظرًا لقيمتها الضخمة والجرأة التي نُفذت بها.وبحسب تقارير صحف “ديلي ميل” البريطانية و“لوفيغارو” الفرنسية، فإن المشتبه به الرئيس هو المؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي عبد الله ن.، المعروف بلقب “دودو كروس بيتوم”، البالغ من العمر 39 عامًا، والذي أُلقي القبض عليه في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويواجه اتهامات رسمية بـ “السرقة في إطار عصابة منظمة” و “التآمر الإجرامي”.تشتبه السلطات الفرنسية في أن “دودو كروس بيتوم” كان أحد رجلين استخدما رافعة للتسلل إلى قاعة أبولو داخل متحف اللوفر فجر 19 أكتوبر/تشرين الأول، حيث سُرقت ثماني قطع من مجوهرات التاج الفرنسي تُقدر قيمتها بنحو 88 مليون يورو (76 مليون جنيه إسترليني). ولم يتم حتى الآن استرداد أي من القطع المسروقة.وأوضح المحققون أن العملية نُفذت باحتراف لافت، لكن آثار الحمض النووي التي عُثر عليها في الموقع تشير إلى أن منفذيها ربما لم يكونوا “مجرمين محترفين”، بل أعضاء في شبكة أكبر تعمل بشكل هرمي.ينحدر عبد الله من ضاحية أوبرفيلييه شمال باريس، وبرز اسمه في العقد الأول من الألفية من خلال مقاطع فيديو على يوتيوب وديلي موشن ظهر فيها وهو يؤدي حركات استعراضية على دراجته النارية، ويقود لمسافات طويلة نحو معالم العاصمة الفرنسية مثل الشانزليزيه وتروكاديرو.لاحقًا، تحوّل “دودو كروس بيتوم” إلى مؤثر بارز على تيك توك وإنستغرام، حيث ركّز على تدريبات الشوارع ودروس القيادة الحرة للشباب، جامعًا مئات الآلاف من المتابعين، قبل أن تتوقف حساباته فجأة منذ نهاية سبتمبر الماضي.ووفق صحيفة “ديلي ميل”، فإن سجله الإجرامي يتضمن حيازة المخدرات والقيادة دون ترخيص ومقاومة الاعتقال، لكنه لم يُعرف سابقًا بتورطه في جرائم سرقة أو أعمال عنف منظمة.
اعتراف مرتبك وتحقيقات متواصلة
خلال استجوابه من قبل فرقة مكافحة العصابات في باريس، بدا عبد الله في حالة “دهشة” من حجم القضية، وفق المصادر القضائية. وبعد أن التزم الصمت في البداية، اعترف بالمشاركة في العملية، مدعيًا أنه تلقى الأوامر من أشخاص مجهولين.وقدم شريكه المزعوم أياد ج. رواية مشابهة، مشيرًا إلى وجود “عقل مدبر أجنبي” لم تُكشف هويته بعد. كما قالا إنهما “لم يكونا يعلمان أن المبنى المستهدف هو متحف اللوفر”، بل اعتقدا أنه “مبنى مغلق وخالٍ”.الشرطة الفرنسية، التي تحتجز الآن أربعة مشتبه بهم، لم تستبعد أن يكون المتهمان واجهة لجهة إجرامية منظمة، أو ضحايا تضليل من شبكة أكثر اتساعًا تتعامل في الآثار والمجوهرات النادرة.المدعية العامة في باريس لور بيكو قالت إن المشتبه بهم لا ينتمون عادة إلى “النخبة الإجرامية” المعروفة بتنفيذ السرقات الكبرى، مضيفةً أن هناك “مفارقة واضحة بين الطابع الاحترافي للعملية والخلفية الشعبية للمتهمين”.وأوضحت بيكو أن تصريحات عبد الله أثناء التحقيق كانت “محدودة للغاية”، لكنه أقر ضمنيًا بدوره في العملية، مضيفًا أنه نفذ الأوامر دون علمه الكامل بخطتها النهائية.تحولت حسابات “دودو كروس بيتوم” السابقة إلى ساحة تعليقات وسخرية من متابعيه، حيث كتب البعض عبارات مثل: “أعد المجوهرات يا دودو”، فيما وصف آخرون العملية بأنها “أخطر من مغامراته في شوارع باريس”.
ويرى مراقبون أن القضية تسلط الضوء على الوجه المظلم لحياة المؤثرين الرقميين، وكيف يمكن أن تنزلق شهرة الإنترنت إلى فضائح إجرامية حقيقية.وتعد هذه السرقة الأضخم في تاريخ متحف اللوفر منذ عقود، وقد دفعت السلطات إلى تشديد الإجراءات الأمنية في المتاحف الكبرى بالعاصمة الفرنسية، فيما تواصل الشرطة عمليات البحث لتحديد مصير الجواهر المسروقة، وسط تقديرات تشير إلى أنها قد تكون نُقلت بالفعل خارج البلاد.ورغم توقيف المشتبه بهم الأربعة، لا تزال أسئلة كثيرة من دون إجابات: من هو العقل المدبر الحقيقي؟ وهل كان عبد الله مجرد واجهة رقمية لعملية أكثر تعقيدًا؟حتى الآن، يبقى “دودو كروس بيتوم”، نجم الشوارع الرقمية السابق، في قلب واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في فرنسا الحديثة – سرقة القرن التي أعادت إلى الأذهان أفلام السطو الكبرى، لكنها هذه المرة واقعية تمامًا.
(وكالات)






























