أحدث الأخبار
الخميس 26 كانون أول/ديسمبر 2024
هجرة الشباب من غزة.. ظاهرة جماعية مدفوعة بالأوضاع المعيشية والحصار!!
بقلم : الديار ... 05.10.2023

يقول الفلسطيني فارس عليان (47 عاما)، القاطن في حي المنشية في بلدة بيت لاهيا، إن نجله محمد (24 عاما) هاجر من القطاع قبل نحو أسبوع، بعد أن فقد الأمل بتحسن الأوضاع الاقتصادية أو بحياة أفضل.دفعت الأوضاع الاقتصادية والحصار المفروض على قطاع غزة إلى هجرة جماعية وخصوصًا بين الشبان نحو دول أوروبا، وذلك ما أظهرته مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لفلسطينيين أمام مكتب الحصول على تأشيرات دخول للدول المضيفة.وشهد قطاع غزة هجرة إما على مستوى عائلات بكاملها أو مجموعات من الشباب من حي سكني واحد؛ حسبما قال مختص بالشأن الاقتصادي.وشهدت بيت لاهيا شمال غزة وخان يونس إلى الجنوب خلال الشهور الأخيرة، هجرة عشرات الشبان هربا من الأوضاع الاقتصادية وانعدام الأمل بفرص أفضل للحياة إثر الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 17 عاما.كما أثارت هذه الظاهرة جدلا في الشارع الفلسطيني، حيث انقسمت الأصوات بين مؤيد لزيادة نسبة مغادرة السكان للقطاع ضمن ظاهرة "الهجرة" بفعل الأوضاع الاقتصادية، وبين معارض لذلك.ولا توجد أرقام رسمية تظهر أعداد المهاجرين من القطاع، الذين تركوه بشكل كامل، إلا أن الجهات الحكومية بغزة قالت مؤخرا إن "أرقام المغادرين هي وفق المعدل السنوي المعتاد".
انعدام الأمل
ويقول الفلسطيني فارس عليان (47 عاما)، القاطن في حي المنشية في بلدة بيت لاهيا، إن نجله محمد (24 عاما) هاجر من القطاع قبل نحو أسبوع، بعد أن فقد الأمل بتحسن الأوضاع الاقتصادية أو بحياة أفضل.ويضيف عليان "محمد كان عاملا في القطاع الزراعي منذ أكثر من 10 سنوات، يعمل يوما ويتعطل 10 أيام، ويتقاضى راتبا يوميا لا يزيد على 20 شيكلا (5.5 دولارات)".وأوضح أن "هذا المبلغ لم يكن يلبي احتياجاته اليومية"، مشيرا إلى أن نجله رفض هذا الواقع وقرر الهجرة النهائية من البلاد بحثا عن فرص عمل توفر له حياة كريمة.وذكر أن "الهجرة من القطاع وصولا إلى اليونان كلفت نجله ما يزيد على 4 آلاف دولار، حيث يتقاضى المهربون مبلغا يصل إلى 2000 دولار، إذ جرى تهريبه بحرا بواسطة قارب مطاطي صغير وسط مخاطرة ومجازفة عالية، لكنه وصل بسلامة إلى الشواطئ اليونانية".وبيّن أن نجله ومن أجل توفير تكلفة الهجرة اضطر إلى بيع عدة مستلزمات من المنزل، واستدان مبلغا آخر من بعض الأقارب لكي يستطيع مغادرة القطاع المحاصر.وعن حي المنشية، يقول عليان إن "الشهر الأخير شهد مغادرة نحو 50 شابا بغرض الهجرة على دفعات متفرقة".وأشار إلى أن ابن شقيقه قرر الهجرة برفقة زوجته وطفليه وشقيقته، فهو الآخر عامل يتقاضى 20 شيكلا يوميا (5.5 دولارات)، وهو المبلغ الذي لا يكفي لتلبية احتياجات عائلته.وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، نشر ناشطون من غزة منشورات طلبوا فيها استدانة مبالغ مالية، بعقود مكتوبة بطريقة شرعية بغرض الهجرة، على أن يتم سدادها بعد الوصول إلى أوروبا والعمل هناك.
ظاهرة جماعية
بدوره، يقول المختص بالشأن الاقتصادي، محمد أبو جياب، إن الهجرة من قطاع غزة تحولت في الفترة الأخيرة إلى ظاهرة جماعية.وأضاف "تجلى ذلك من خلال الإقبال على مكاتب السياحة والسفر، للحصول على تأشيرات للدول المضيفة".وذكر أن "ما نشر خلال الفترة الماضية على وسائل التواصل الاجتماعي، والطلب على التأشيرات، يفيد بأن الهجرة أصبحت ظاهرة جماعية؛ شملت هجرة عائلات بكاملها ومجموعات شبابية مترابطة".وعن أسباب الهجرة، قال إن "هذه الظاهرة شاعت بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في القطاع، وارتفاع نسب الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي".ووفق المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، فإن مليونا ونصف مليون فرد من سكان غزة البالغ عددهم نحو مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون حالة الفقر جراء الحصار.فيما بلغ عدد العاطلين عن العمل حتى نيسان/ أبريل الماضي نحو 250 ألفا، بحسب وزارة العمل الفلسطينية.وأشار أبو جياب إلى أن هذه الظاهرة من أجلها أن تفقد قطاع غزة بعضا من الكفاءات على المستويات المختلفة، لافتا إلى أهمية وجود رؤية حكومية لتقليص عدد المغادرين للقطاع.ولمكافحة ظاهرة الهجرة، أفاد بأهمية معاجلة مسبباتها والعوامل التي تدفع إليها والمتمثلة بالوضع الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية.
معدلات معتادة
في المقابل، قالت الهيئة العامة للمعابر والحدود التابعة لوزارة الداخلية في غزة، إن الحديث عن تزايد الهجرة من القطاع محاولة لـ"تضليل الرأي العام".وقالت الهيئة في بيان نشرته في أيلول/ سبتمبر الماضي، إن "أعداد المسافرين المغادرين أو العائدين هي وفق المعدل السنوي المعتاد، ولا يوجد أي تغير ملحوظ عليها".وبحسب بيانات حركة السفر عبر معبر رفح البري، منذ بداية العام الجاري تم تسجيل مغادرة 113 ألفا و234 مواطنا للقطاع، وتسجيل وصول 116 ألفا و651 مواطنا.وعن اكتظاظ المواطنين في مكتب الحصول على التأشيرة التركية في غزة، بررت الهيئة ذلك بـ"اقتصار إصدار تصريح الدخول هذا على جهة واحدة ومكتب واحد فقط على مستوى القطاع، بعد أن كان ذلك متاحا لكافة مكاتب السياحة والسفر على مدار السنوات الماضية".وأشارت إلى أن "الغالبية العظمى من المسجلين للسفر تندرج في إطار الحالات الإنسانية كالعلاج والمنح الدراسية والحصول على فرص عمل وزيارة أقارب أو مواطنين مقيمين في الخارج".وحذرت الهيئة من تداول "أرقام غير صحيحة لأعداد المسافرين أو المسجلين للسفر والافتراض خطأ أو عمدا أن كل من سافر قد ترك القطاع".

1