تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة التدخل السريع للحد من تفاقم الأوضاع في جرادة بعد الأحداث التي شهدتها المدينة (شمال شرق المغرب)، يوم الأربعاء الماضي، والتي أدت إلى جرح 228 شخصاً من بينهم أفراد من قوات الأمن، بالإضافة إلى اعتقال 9 أشخاص. وقال خالد البوقرعي، البرلماني عن حزب العدالة والتنمية الحزب الرئيسي في الحكومة، إن «على الدولة والحكومة التدخل لمعالجة الوضع في جرادة، عن طريق فتح الحوار مع المتظاهرين». وطالب البوقرعي، الحكومة بالتدخل العاجل والفوري للاستماع إلى ساكنة الإقليم وراسل عمر بلا فريج ومصطفى الشناوي، البرلمانيان عن فدرالية اليسار رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي من أجل عقد جلسة مستعجلة للجنة الداخلية والسياسية بخصوص الأوضاع في جرادة.وأعلن النائب عمر بلافريج ووفد من الحزب الاشتراكي الموحد أمس الجمعة عن زيارة الى مدينة جرادة. وقالت تقارير صحافية أن محاولات من جهات بالدولة جرت الخميس لإقناع المكتب السياسي للحزب بالعدول عن الزيارة وهو ما رفضته قيادة الحزب واعتبرته «تدخلا في قرارها الحزبي».وأوضحت التقارير «أن قيادة الاشتراكي الموحد تلقت اتصالا من وزارة الداخلية تدعوها إلى عدم قيام الوفد الحزبي بزيارة مدينة جرادة، وذلك «حفاظا على سلامته وخوفا عليه من أي اعتداء يمكن أن يتعرض له أعضاء الوفد اليساري، وذلك بالنظر إلى الأوضاع التي يعيشها إقليم جرادة حالياً»، لكن حزب منيب رد على هذه المحاولة بالإصرار على القيام بزيارة المدينة المنجمية.ورد الحزب الاشتراكي بعد اجتماع لمكتبه مساء الخميس، على «محاولة للتدخل في شؤونه الداخلية»، وقال بيان للمكتب ان الحزب وبشكل واضح «رفض كل محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية ومبادراتنا المواطنة والمسؤولة، التي نمارس من خلالها حقنا وواجبنا النضالي في دعم الحقوق المشروعة للمواطنات والمواطنين والرقي ببلادنا». واعتبر حزب النهج الديمقراطي (يسار راديكالي)، أنه بعد القمع و الترهيب، الذي مارسته وزارة الداخلية ضد ساكنة إقليم جرادة، فإن الاستجابة لمطالب حراك جرادة والجلوس إلى طاولة الحوار مع ممثلي الساكنة الحقيقيين لتفعيل الحلول وتطبيقها على الارض، هو الحل الوحيد لإرضاء الساكنة وطمأنتها على مستقبلها في توفير البديل الاقتصادي الذي تنادي وتطالب به.وأفادت الحكومة على لسان المتحدث باسمها، مصطفى الخلفي، أنها تحملت مسؤوليتها بطريقة جماعية في التعامل مع ملف جرادة، وأنصتت لمطالب المحتجين، كما عقدت سلسلة من الحوارات معهم، ولم يقع أي تدخل لفض أي احتجاج طيلة الفترة السابقة. وأوضحت وفاءها بالالتزامات التي سبق أن قطعتها على نفسها من خلال سحب رخص المقالع، وإعادة النظر في فواتير الكهرباء، وغيرها من التعهدات، وشدد الخلفي على ضرورة توفير الأمن في المدينة. وتعيش المدينة منذ أيام، على وقع مواجهات مفتوحة بين قوات الأمن والمحتجين، وذلك على خلفية بلاغ وزارة الداخلية الذي أعلن عن منع التظاهر غير القانوني بالشارع العام، والتعامل بكل حزم مع التصرفات والسلوكات غير المسؤولة، رابطا ذلك بالحفاظ على استتباب الأمن وضمانا للسير العادي للحياة العامة وحماية لمصالح المواطنات.ورغم القرار الأخير لوزارة الداخلية القاضي بمنع التظاهر في مدينة جرادة، والتطورات التي عرفتها المدينة المنجمية في «الأربعاء الأسود»، بمواجهات بين الأمن والمتظاهرين خلفت إصابات بالمئات، قرر المحتجون العودة أمس الجمعة إلى التظاهر.ووجّه نشطاء الحراك، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، دعوات للعودة للتظاهر في ساحة الشهداء، وسط المدينة، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة، الذين يبلغ عددهم تسعة، بالاضافة الى أربعة معتقلين آخرين.ودعت القنصلية العامة الأمريكية في الدار البيضاء، مواطنيها المتواجدين في المغرب إلى تجنب السفر إلى مدينة جرادة، بسبب الأحداث التي تعيشها المدينة من تظاهرات واحتجاجات مستمرة منذ 3 أشهر.وجدد المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تضامنه مع سكان جرادة في مطالبهم المشروعة وحقهم في بدائل عاجلة للنشاط المنجمي، بما يؤمن لهم دخلا يمكنهم من العيش الكريم، ويضمن للمدينة وسكانها سبل التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ويوفر الشغل للجميع. ونبّه رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أحمد الهايج، في تصريح لـ«القدس العربي»، الدولة المغربية إلى مسؤوليتها عن عواقب خيارها بالتدخل العنيف للقوات العمومية لفض الإحتجاجات، داعيا إياها بالعودة إلى طاولة الحوار، والعمل على تفعيل نتائجه والتزاماته على أرض الواقع، و تحقيق المطالب المعبر عنها من طرف نشطاء الحراك في جرادة. وطالب الهايج، بضرورة فتح تحقيق في ما وصفته بـ»الجرائم الاقتصادية بالمدينة»، وتقديم المستفيدين الحقيقيين من مآسي الساندريات للمساءلة وتعويض ضحاياها وعائلاتهم. وفي الاطار نفسه قال إدريس بنهيمة، وزير النقل والملاحة التجارية والسياحة والطاقة والمعادن الاسبق، والذي أغلقت مناجم جرادة في عهده، إن «وزارة الداخلية لم تكن متحمسة، بعد إغلاق المناجم في جرادة، لتفويت الأراضي الجماعية إلى ذوي الحقوق، وهو الاقتراح الذي طرح في ذلك الوقت». وقال «أتصور أن الحل ليس في الاستثمار في البنية التحتية، بل في التفكير في سياسة تساعد على خلق توازن في توزيع السكان، تماشيا مع الموارد والإمكانيات المتاحة في كل منطقة».!!
الرباط..المغرب : صفيح ساخن وتحدي السلطات : نشطاء حراك «جرادة» المغربية يدعون إلى التظاهر مجدداً!!
17.03.2018