اكتمل اتفاق إخراج المقاتلين الأكراد من غرب الفرات في الشمال السوري، مع إعلان تركيا، أمس الاثنين، عن بدء تسيير جيشها، إلى جانب الجيش الأميركي، دوريات في منطقة منبج في ريف حلب، شمالي شرقي البلاد، تمهيداً لطرد وحدات حماية الشعب الكردية من المدينة، في أوّل تطبيق فعلي لاتفاق 4 يونيو/ حزيران الذي توصّلت إليه كل من أنقرة وواشنطن وتم توقيعه خلال لقاء بين وزيري خارجية البلدين، مايك بومبيو ومولود جاووش أوغلو. وبينما بدأ تطبيق "خارطة الطريق" الأميركية التركية في الشمال، لا يزال الترقّب سيّد الموقف في الجنوب السوري، حيث يواصل النظام حشد قواته في المنطقة، في مؤشر على اقتراب المعركة هناك، في حال لم تتوصّل الاجتماعات الدبلوماسية بين الدول المعنية إلى اتفاقات حول المنطقة. وبدأ الجيشان التركي والأميركي، أمس الإثنين، تسيير دوريات مستقلة على طول الخط الواقع بين منطقة "عملية درع الفرات" ومدينة منبج، شمالي سورية، بحسب ما ذكرت القوات المسلحة التركية، في تغريدة عبر حسابها على موقع "تويتر"، مضيفةً أنّ تسيير هذه الدوريات يأتي "التزاماً بالمبادئ الأمنية وخريطة الطريق التي جرى الاتفاق عليها بين الجانبين التركي والأميركي حول منبج".وأكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال كلمة ألقاها أمام حشد جماهيري في ولاية صامسون، شمالي تركيا، هذا الأمر، وكذلك رئيس الوزراء بن علي يلدريم، الذي قال متحدثاً للصحافيين في إقليم أنطاليا: "جنودنا بدأوا اليوم مهمتهم في منبج، حيث يعملون مع الأميركيين من أجل تطهير تلك المنطقة من العناصر الإرهابية".بدوره، أوضح وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، أنّ الجنود الأتراك "سيدخلون منبج خطوة بخطوة. وخلال هذه المرحلة سيتم إخراج عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من المدينة". وأضاف "سيجري تطهير منبج من وحدات حماية الشعب الكردية ومتشددي حزب العمال الكردستاني بأسرع وقت ممكن".من جهة أخرى، لا يزال الجنوب السوري على صفيح ساخن، إذ في حين يجري حراك دبلوماسي مكوكي، بين روسيا والأردن وأميركا وإسرائيل، يستغلّ النظام الوقت ويحشد قواته ومليشياته هناك، بدعم من الروس، حتى أنه أرسل ذراعه العسكري، سهيل الحسن، إلى الخطوط الأمامية في درعا، كورقة ضغط إضافية، للتأثير على ما ستفضي إليه المباحثات حول الجنوب، وللقول إنّ النظام بات جاهزاً للبدء بعملية عسكرية كبيرة في حال تعثّرت المباحثات.ولا يبدو إلى اليوم أنّ هناك اتفاقاً منجزاً بما يخصّ الجنوب السوري، بين روسيا وأميركا وإسرائيل والأردن، ما يترك الباب مفتوحاً أمام التسريبات المتضاربة في بعض الأحيان، في حين يبدو أنّ الاتصالات لا تزال مستمرّة على الرغم من معلومات تقول إن المفاوضات تمرّ بنوع من الاستعصاء، إن لم يكن فشل، ما يجعل القوات العسكرية كافة على الأرض، سواء التابعة للنظام أو للمعارضة، ترفع من صوت طبول الحرب.وتلعب الأردن دوراً في المباحثات بين الروس والأميركيين والإسرائيليين، خصوصاً أنّها من الأطراف الإقليمية المعنية في المنطقة؛ أولاً لتشاركها الحدود مع جنوبي سورية، وثانياً لوجود معبر نصيب الحدودي، أحد شرايين الأردن الاقتصادية والوحيد مع سورية. وقد أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، يوم الأحد الماضي، أن بلاده تجري اتصالات مع الولايات المتحدة وروسيا لضمان "عدم تفجّر القتال" جنوبي سورية، مؤكداً التزام الأطراف الثلاثة (واشنطن، عمان وموسكو) بحماية اتفاق خفض التصعيد، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية.كما غرّد الصفدي على حسابه في موقع "تويتر" قائلاً إنه بحث "الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة السورية مع المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا"، مضيفاً "أكدتُ حتمية الحلّ السياسي وضرورة الحفاظ على خفض التصعيد في الجنوب. ندعم جهود المبعوث الأممي ومسار جنيف إطاراً لحل سياسي يحفظ وحدة سورية ويقبله شعبها الشقيق. وقف القتال وحقن الدم السوري أولوية".لى ذلك، لم تكن وسائل إعلام النظام وقادته بعيدة عن التصعيد، إذ تدأب منذ أيام على إطلاق التهديدات. وفي هذا الإطار، قالت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، يوم أمس الاثنين: "يبدو أن معركة الجنوب تقترب أكثر فأكثر، لا سيما في الجزء الغربي المتعلّق بدرعا والقنيطرة، باعتبار أن الجزء الشرقي، بريف السويداء، يشهد معارك مستمرة وتقدماً للجيش حالياً، مع رفض الإرهابيين بتحريض من مشغليهم، للمصالحة التي دعاهم إليها الجيش العربي السوري".ونقلت الصحيفة ذاتها عن مصدر ميداني (من قوات النظام)، لم تذكره، قوله إن "الجيش لن ينتظر كثيراً حتى يقرر الإرهابيون المصالحة أو الحرب"، مضيفاً "يبدو أنهم قرروا الحرب فعلاً عندما قاموا بقتل أعضاء في لجان المصالحة الأسبوع الماضي، ورفضوا دعوات الجيش المستمرة ونداءاته لهم كي يسلموا أنفسهم وسلاحهم على غرار ما حصل في مناطق عديدة أخرى".وكان رئيس النظام، بشار الأسد، قد أكّد في مقابلة أجراها مع تلفزيون "العالم" الإيراني، يوم الأربعاء الماضي، أن "ما طُرح بعد تحرير الغوطة هو التوجه إلى الجنوب، وكنا أمام خيارين كما هو الحال في كل المناطق الأخرى في سورية، إمّا المصالحة أو التحرير بالقوة".ويبدو أنّ التواصل الروسي الإسرائيلي زاد خلال الأيام الماضية مع تأزّم الأوضاع في الجنوب السوري، إذ أعلنت "هيئة البث الإسرائيلي"، السبت الماضي، أنّ قائد الشرطة العسكرية الروسية، الجنرال فلاديمير إيفانوفسكي، المسؤول عن مناطق خفض التصعيد في جنوب سورية، يزور إسرائيل حالياً لإجراء محادثات مع ضباط كبار من الجيش الإسرائيلي. وقبلها كان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد تحدّث هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، حول التطوّرات الإقليمية والأوضاع في سورية ومواصلة التنسيق العسكري في هذا الشأن، بحسب تقارير إعلامية!!
منبج..سوريا : اتفاق منبج يدخل حيّز التنفيذ... والنظام يواصل الحشد جنوباً.!!
19.06.2018