أحدث الأخبار
الثلاثاء 26 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
بيروت.. لبنان : يوم الآخرة والقيامة في بيروت؛ أمٌ: الانفجار "أفظع من الحرب الأهلية".. طبيب: "لم أر شيئا مماثلا"!!
06.08.2020

تسبّب انفجار بيروت، الذي هزّ العاصمة اللبنانية، مُسفرا عن مصرع العشرات وإصابة الآلاف، بالإضافة إلى تركه دمارا هائلا، في المناطق التي طالها، والتي تجاوزت كيلومترات عدّة، بحالة هلع كبيرة بين اللبنانين، الذين وصف بعضهم، ليلَ أمس الثلاثاء، بأنه كـ"يوم الآخرة"، فيما ذكر طبيب أنه "لم يرَ شيئا مماثلا" حتّى في فترة الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد.وشبّه الطبيب، أنطوان قربان، الذي أصيب في رأسه، المشاهد التي رآها على الطرق وعند أبواب المستشفيات بعد الانفجار الضخم، بتلك التي عاشها في أفغانستان قبل سنوات، وقال: "ما رأيته أمس كان شبيها بيوم الآخرة".وخرج قربان، اليوم الأربعاء، من المستشفى في بيروت مضمّد الرأس.وقال لوكالة "فرانس برس": "ما رأيته أمس... مصابون تسيل منهم الدماء على قارعة الطريق، وآخرون ممدّون على الأرض وفي باحة المستشفى، (الأمر) كان شبيها بيوم الآخرة".وأضاف قربان: "ذكرني ذلك بما اعتدت مشاهدته خلال مشاركتي في مهمات مع منظمة أطباء بلا حدود في أفغانستان قبل سنوات طويلة".وأصيب الطبيب، وهو أستاذ محاضر في كلية الطب في جامعة القديس يوسف، في رأسه، بينما كان يحتسي القهوة مع زميله في مقهى في وسط بيروت، وبسبب الذعر في الطرق وزحمة السير، لم يتمكن من الوصول إلى مستشفى "أوتيل ديو" في الأشرفية حيث يعمل، فنقله سائق دراجة نارية إلى مستشفى الجعيتاوي القريب.
وقال قربان: "خاط الطبيب جرحي وأنا أجلس على قارعة الطريق بعد انتظار لساعات".داخل أروقة مستشفى "أوتيل ديو"، توزعت اليوم، عائلات في مجموعات صغيرة. كانت هناك أمهات قلقات على مصير أولادهن الجرحى. وسأل رجل مسنّ عن زوجته التي تم نقلها من مستشفى آخر. ولم تتوقف هواتف البعض عن الرنين.وقال سيّدة لمحدّثها: "عجيبة بقاؤه على قيد الحياة"، بينما وكّل مصاب ضُمّدت قدمه، شقيقته، بالإجابة على اتصالات لا تتوقّف على هاتفه، قائلا: "لست قادرا على الكلام".وذكرت سيدة تلازم ابنها البالغ أربعين عاما من العمر، والذي أصيب إصابة بالغة في عنقه وتهشم جسده بعد سقوط المبنى حيث يعمل قرب المرفأ، أنه "نزف كثيرا وخضع لعملية أمس وهو الآن في العناية الفائقة".وأضافت السيدة بحسرة: "ما حدث أمس كان أفظع من الحرب الأهلية. لثوان شعرت أن قلبي خرج من صدري وأنني فقدت وعيي، كما لو أنها قنبلة هيروشيما. لن أنساها ما حييت".واستقبل المستشفى 300 مصاب على الأقل، كما وصل إليه 13 شخصا من الذين لاقوا مصارعهم، وفق ما قال مديره الطبي، الدكتور جورج دبر.وأضاف دبر الذي جلس وراء حاسوبه: "خلال الحرب الأهلية كنت تلميذا متمرنا في هذا المستشفى، ولم أر شيئا مماثلا".وذكر بتأثّر بالغ لم تخفه كمّامته الطبية أن "الأصعب كان إخبار عائلات جاءت بحثا عن أبنائها أنهم توفوا، ولسنا قادرين على فعل أي شيء لهم".وتابع: "تكرر ذلك أكثر من مرة ليلا.. من الصعب جدا أن تبلّغ أبا يحمل طفلته الصغيرة ويحاول إنقاذها أنها فارقت الحياة".ولم تسلم المستشفيات على غرار الأبنية كافة في بيروت ومحيطها، من تداعيات الانفجار. وتعرّض مرضى وزوارهم وأفراد من الطاقم الطبي لإصابات جراء تصدّع السقوف أو الجدران أو تناثر الزجاج عليهم من شدة الانفجار.وتوفيت أربع ممرضات في مستشفى القديس جاورجيوس في الأشرفية، وخامسة في مستشفى الوردية في الجميزة.وجاءت هذه المحنة على الطواقم الطبية، التي وصلت ليلها بنهارها لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، في خضم أزمة اقتصادية غير مسبوقة تشهدها البلاد.
وقال دبر إن "الفرق الطبية مرهقة من كل ما يحصل في البلد ومن كورونا، لكن في مواجهة أزمة أمس كان التكاتف عظيما"، موضحا أن عمال المطبخ والصيانة تطوعوا للمساعدة.في مستشفى "القديس جاورجيوس" في الأشرفية، انهمك الطاقم الطبي والإداري، اليوم، في مهمة شاقة أخرى، إذ شرعوا بنقل ما تبقى من معدات وأدوات جراحية بعد إجلاء جميع المرضى وبينهم عشرون مصابا بكورونا، في مهمة شاقة استمرت حتى الفجر.صباحا، بدت أروقة المستشفى كأنها ساحة حرب. سقوف تضرّرت وتدلّت منها أشرطة الكهرباء والإنارة. ركام وقطع زجاج محطّم في كل مكان. مصاعد التَوَت أبوابها من شدّة الانفجار، وموظفون مصدومون خصوصا بعد وفاة أربع ممرضات من زميلاتهم.وقال مدير الطاقم الطبي في مستشفى "القديس جاورجيوس"، الدكتور عيد عازار، إن المستشفى حيث يعمل 1200 موظف، "بات اليوم خارج الخدمة.. ولا أعلم كم يحتاج إصلاحه وقتا:وخرج كذلك مستشفى "راهبات الوردية"، كليا من الخدمة، بينما توقفت أقسام في مستشفيين آخرين، أحدهما حكومي، عن العمل، بحسب وزارة الصحة.وأوضح عازار "أخلينا المستشفى أمس وهذا أمر نادر الحصول. يذكرنا بإخلاء مستشفيات إثر إعصار كاترينا" عام 2005 الذي يُعد أحد أعنف خمسة أعاصير في تاريخ الولايات المتحدة.ولم يكن ذلك سهلا، وفق عازار، الذي أضاف أن "ما من شيء أصعب من إخلاء مستشفى يغصّ بالمرضى، فيما يتوافد مصابون إليه"، مضيفا: "أصبحنا مستشفى مجروحا".وقالت الممرضة، لارا ضاهر، بتأثر: "كان علينا أن نخيط جروح المصابين ونعالجهم على ضوء الهواتف الخلوية".!!


1