أثار خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي تحدث فيه عن “قرب” حل الأزمة السياسية في تونس، جدلاً واسعاً دفع بعض المراقبين للحديث عن “وساطة” جزائرية لتجاوز الأزمة القائمة حالياً بين رئيسي الجمهورية والبرلمان، في وقت اتهم فيه الحزب الدستوري الحر (يضم أبرز رموز نظام بن علي) السلطات التونسية من محاولة تحجيم دوره في الحياة السياسية.وكان الرئيس عبد المجيد تبّون أكد، الأحد، في حديث لوسائل إعلام محلية، أن الأزمة التونسية تتجه للحل، لكنه قال إن بلاده لن تبخل بتقديم المساعدة لتونس، دون التدخل في شؤونها الداخلية، كما أكد أيضاً أن بلاده لن تسمح لأي طرف بممارسة الضغوط على تونس، مشيراً إلى أن الرئيس قيس سعيد أطلعه على أمور مهمة، لكنه لا يستطيع البوح بها.تصريحات تبون “الملغومة” دفعت السياسيين والمراقبين للحديث عن احتمال وجود وساطة بين سعيد والغنوشي، حيث كتب القيادي البارز في حركة النهضة عبد اللطيف المكي: “كل الشكر للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على تصريحاته اللائقة والأخوية تجاه الشعب التونسي، التي ستكون عنصراً مساعداً لتونس على تجاوز الأوضاع الراهنة بسلام”.وقال المحلل السياسي سامي بن سلامة إن موقف تبون يؤكد “دعمه” لحركة النهضة، فيما عبر سامي الطاهري الناطق باسم اتحاد الشغل عن تأييده لما قاله تبون وخاصة فيما يتعلق بـ”تأييده” المبطّن لتغيير نظام الحكم في تونس.وكانت حركة النهضة عبرت في أكثر من مناسبة عن استعدادها للحوار مع الرئيس قيس سعيد لتجاوز الأزمة القائمة في البلاد، كما رحبت بعقد لقاء عاجل بين سعيد والغنوشي لمناقشة مرحلة ما بعد 25 تموز/يوليو.من جانب آخر، أطلقت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، ما أسمتها “صرخة دستورية ضد التعسف والديكتاتورية”، حيث اتهمت السلطات التونسية بـ”انتهاك حقوق الحزب الدستوري الحر في النشاط من خلال رفض تمكينه من الترخيص لعقد مؤتمره الانتخابي في كنف احترام البروتوكول الصحي رغم تحسن الوضع الوبائي وفي ظل السماح لبعض المنظمات والجمعيات بعقد اجتماعاتها وتنظيم تظاهراتها، وتبعاً لحملات تشويه نضالات الحزب الدستوري الحر والدعوات الصريحة لإقصائه وطمس وتقزيم مجهوداته في تعرية تنظيم الإخوان وفضح فساد منظومة الحكم خلال العشرية الماضية، ونظراً لخطورة هذا الانحراف بإرادة الشعب التونسي، نحن -المواطنات والمواطنين الممضين أسفله، قيادات وإطارات وقواعد ومنخرطي الحزب الدستوري الحر والمساندين لمشروعه الوطني- نطلب من رئيس الجمهورية الالتزام بمبدأ المساواة والعدل بين المواطنين، والبقاء على نفس المسافة من كافة التيارات السياسية، والامتناع عن سياسة المكيالين والمحاباة والولاءات في تطبيق القانون”.وأضافت: “ونطالبه باحترام الحقوق والحريات الأساسية للدستوريين الذين يمثلون فئة واسعة من الشعب التونسي، وتجنب التعسف في استعمال السلطة وتوظيف الإجراءات الإستثنائية لحرمانهم من القيام بدورهم الوطني كقوة معارضة جدية بالبلاد، والمحافظة على الذاكرة الوطنية واحترام تاريخ الحركة الدستورية ورموزها الذين قادوا مسيرة تحرير البلاد وبناء الدولة العصرية، وعلى رأسهم الزعيم الحبيب بورقيبة”.على صعيد آخر، تواصلت ردود الفعل حول يوم التلقيح الوطني الذي أسفر عن تلقيح أكثر من 550 ألف تونسي، وهو رقم أشادت به الطبقة السياسية التونسية، فيما اعتبر بعضها أن هذه الإجراءات كان يفترض تطبيقها قبل أشهر لإنقاذ أرواح آلاف التونسيين الذين قضوا بسبب فيروس كورونا المستجد.وكتب هشام العجبوني، النائب عن حزب التيار الديمقراطي: “صباح النجاح والأمل والنصف مليون ملقح. أهمّ من جرعات التلقيح هي جرعات الأمل في غد أفضل. لنعمل على ذلك، كلّ من موقعه”.وأضاف رياض الشعيبي، مستشار رئيس حركة النهضة: “هنيئاً لكل التونسيين نجاحهم في اليوم الأول للحملة الوطنية للتلقيح ضد كوفيد19 والشكر موصول لكل من ساهم في ذلك”.وكتب زهير إسماعيل، القيادي السابق في حزب الحراك: “نجاح حملة التلقيح الشعبية الكبير يوم أمس لم يكن يحتاج إلى انقلاب على الدستور والديمقراطية. نجاح حملة التلقيح الشعبية وتمكين أكثر من نصف مليون في يوم واحد يؤكّد أنّ سبب نجاحها الرئيسي هو نفسه الذي كان يعطّلها من خلال سياسة التعفين والتعطيل وخنق المؤسسات. هذا النجاح لم يكن في حاجة إلى الانقلاب على الدستور والديمقراطية، كان يكفي تحريك الدبلوماسية الاقتصادية المعطلة والسياسة الخارجية المجمّدة منذ سنتين لفائدة تجاذبات في أعلى مؤسسات الدولة جعلت من رئاسة الجمهورية طرفاً في صراع عبثي على الصلاحيات واستهدافاً للدستور الذي ضبط لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة دورها في إطار نظام شبه برلماني. كان يكفي تسريح ما ورد من جرعات التلقيح المخزّنة، وقد تم الإعلان عن وصولها في حينه”.وأضاف، في تدوينة على صفحته في موقع فيسبوك: “ثمّ إنّ البرلمان المرذّل من قبل الفاشية بتواطؤ من أعلى مؤسسات الدولة لم يكن على علاقة مباشرة بمواجهة الوباء لا علمية ولا لوجستية إلاّ من تشديده على أولوية مواجهة الوباء والحث على توفير شروط الانتصار فيها، في أكثر من بلاغ. هذا يسمّى استثماراً شعبويّاً في صحّة الناس، ينفع الناس إلى حين، وغايته ربط الديمقراطية بالفقر وضيق العيش ووصلها بالموت والعجز عن مواجهة الوباء، وربط الانقلاب عليها والاتجاه نحو الحكم الفردي والجمع بين كل السلطات بوعود بالرفاه والصحة للجميع. من جهة أخرى، من المهمّ الإشارة إلى تبدّل في مواقف الدول الممثلة للثورة المضادة (الإمارات، السعودية) التي لا تتورّع عن استهداف مكشوف للديمقراطية ومسارها وتدخّل في شأنها عن طريق الحملات الإعلامية وبواسطة أدواتها من المرتزقة في الأحزاب والمنظمات ومراكز البحث إلى نصير لتونس بعد 25 جويلية ومشيد بتجربتها الرائدة”.وتابع بقوله: “هذا التحوّل السحري من الفشل إلى النجاح لا يفسّر إلاّ بسبب واحد، هو أنّ من يقدّم نفسه اليوم سبباً في هذا النجاح المفاجئ هو نفسه من كان بالأمس السبب الرئيسي في إفشال سياسة مواجهة الوباء، وأهمّها توفير التلاقيح والظروف الملائمة لاستعمالها على نطاق واسع. إطلاق فرنسا والإمارات والسعودية حملة توفير اللقاحات بعد 25 جويلية جزء من سياستها في مناهضة لاختيار الشعب التونسي وثورته وديمقراطيته، وتأكيد معادلة الفقر والديمقراطية والاستبداد التابع والرفاه. المعادلة الطبيعية هي أنّ الديمقراطيّة المستقرّة أساس الكرامة، بما هي حريّة ومستوى عيش جيّد. وأنّ الطريق إلى بنائها وترسيخ كيانها مليء بالأزمات والاضطرابات. ترتبط الثورات بالأزمات والتوترات والهجرات وحتى بالمجاعات حينما تحاصر من أعدائها، ولم ترتبط ثورة بالرفاه المادي قبل أن يستقرّ نموذجها السياسي، هكذا يحدّثنا التاريخ”.!!
تونس..تونس : أنباء عن “وساطة” جزائرية بين سعيّد والغنوشي.. وحزب موسي يتهم السلطات بتحجيم دوره في الحياة السياسية!!
10.08.2021