كتب منير أبو رزق..هل ستبقى ردود الأفعال الفلسطينية على المجازر الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي تحت السيطرة؟ وهل ستدخل «حماس» جبهة المقاومة الشعبية السلمية في الضفة الغربية والقدس من بوابة المصالحة؟ ولماذا لم تجد دعوات هنية والسنوار في جمعة الوفاء للشهداء أي صدى لها في الضفة؟احتجاجات الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس لم تخرج حتى اللحظة عن مربعات المقاومة السلمية التقليدية كمقاطعة المنتجات الإسرائيلية وزراعة الأشجار في الأراضي المهددة بالمصادرة، ودعم المزارعين، وتنظيم مسيرات شعبية محدودة وموسمية يتوجه بعضها إلى نقاط التماس والاشتباك مع جنود الاحتلال بالحجارة، ومع ذلك يواجهها جنود الاحتلال بإطلاق الغاز وضرب وقنص المتظاهرين دون أن تتعرض حياتهم لأي خطر.ولم تتورع سلطات الاحتلال عن ضرب وزراء ومسؤولين كبار في حركة فتح والسلطة الفلسطينية خلال مشاركتهم في تلك الفعاليات الشعبية السلمية، كان أبرزهم الوزير المسؤول عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الشهيد زياد أبو عين الذي قضى نحبه بنوبة قلبية خلال الاعتداء عليه بالضرب والغاز قبل أربع سنوات.تلك الاحتجاجات السلمية في الضفة الغربية والتي تقودها حركة فتح قد لا تبقى على حالتها الراهنة في ظل انسداد الأفق السياسي، وتأزم العلاقة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى بعد نقل الأخيرة سفارتها إلى القدس المحتلة، وقد تنقلب بشكل دراماتيكي تحت تأثير صور المجازر الصادمة التي ترتكب بحق المتظاهرين السلميين في قطاع غزة والمرشح هو الآخر لحرب مفتوحة في كل لحظة.111 شهيدا و13 ألف إصابة منها 52 في حالة الخطر الشديد كانت حصيلة الخسائر الفلسطينية منذ انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار في الثلاثين من اذار/مارس الماضي وتبني حركة حماس نهج المقاومة الشعبية السلمية بعد سنوات طويلة من الرفض المطلق ولكن بوسائل جديدة فاجأ بها أهالي «غزة» العالم بأسره.طائرات ورقية مذيلة بفتائل مشتعلة، مناطيد بدائية تحمل قنابل مولوتوف، محاولات اقتحام جماعي للأسلاك الشائكة، كانت هي وغيرها وسائل مقاومة شعبية باتت تخشى إسرائيل استخدامها من قبل نشطاء المقاومة الشعبية في مدن الضفة الغربية وهي الخاصرة الأضعف والأشد إيلاما لدولة الاحتلال.مفوض التعبئة والتنظيم وهو الرجل الثاني في حركة فتح محمود العالول، أصاب الدوائر الأمنية الإسرائيلية بكثير من الإرباك عندما لم يستبعد إمكانية خروج المقاومة الشعبية في الضفة الغربية عن وسائلها التقليدية عندما قال بملامح غاضبة:«نحن كقيادة فلسطينية نسعى لأن تكون ردود الأفعال بعيدة عن العنف وبشكل مقاومة شعبية سلمية، ولكن مواجهة الاحتلال لهذه المقاومة بالرصاص، وبالعنف غير المسبوق ربما يجعلنا غير قادرين على الحفاظ على سلميتها، ليس بفعل رغبتنا نحن ولكن بفعل ما يصنعه الاحتلال».إمكانية خروج ردود الأفعال عن سلميتها في الضفة الغربية قد لا تعني بالضرورة دخول عشرات الآلاف من منتسبي الشرطة والأمن الوطني على خط المواجهة المسلحة مع جيش الاحتلال، وهي مواجهة غير متكافئة جربتها السلطة الوطنية قبل خمسة عشر عاما، وانتهت بإعادة احتلال الضفة الغربية من قبل الجيش الإسرائيلي خلال ثلاثة أيام فقط في حملة عسكرية أطلقت عليها اسم «حملة السور الواقي» بلغت ذروتها بمحاصرة الرئيس الشهيد ياسر عرفات في مقر المقاطعة في رام الله وتسميمه، تماما كما انتهت في قطاع غزة بضرب المقرات الأمنية للسلطة الفلسطينية بالطائرات الحربية وانتشار ظاهرة الميليشيات والفلتان الأمني إلى أن سيطرت حركة حماس بقوة السلاح على قطاع غزة بعد انسحاب أحادي الجانب للجيش الإسرائيلي وهي في مجموعها تجارب تجعل حركة فتح تفكر جيدا قبل أن تلجأ إلى المقاومة المسلحة.ولكن قد يأتي الخروج عن السلمية في رأي القيادي العالول من باب «عدم قدرة القيادة الفلسطينية على التحكم بردود أفعال الجماهير في الجرائم الإسرائيلية» وهو ما يفتح الباب واسعا أمام كل الوسائل التي يمكن أن تلجأ إليها جماهير محبطة وغاضبة بما في ذلك العمليات التي تصفها إسرائيل «الذئب المنفرد».حديث العالول وهو المسؤول المباشر عن ما يعرف إسرائيليا بالبنية الصلبة «للتنظيم» لم يأت في رأي المراقبين من باب التهديد، ولا من باب السعي إلى مواجهة تخرج عن سياق المقاومة الشعبية السلمية التي تتبناها حركة فتح كخيار استراتيجي، ولكن كان أشبه باعتراف علني بحالة التململ والغضب التي تشهدها أقاليم وقواعد حركة فتح في الضفة الغربية نتيجة انسداد الأفق السياسي ومحاولة دولة الاحتلال تصفية القضية الفلسطينية.قائد حركة حماس في غزة الأسير المحرر يحيى السنوار، دخل على الخط بعد ساعات من تصريحات العالول ودعا جماهير حركة حماس في الضفة الغربية إلى مواجهة الاحتلال على نقاط التماس اليوم في جمعة أطلقت عليها القوى الوطنية والإسلامية «جمعة الوفاء للشهداء».يأتي هذا التطور من جانب حركة حماس بعد أن كانت تسعى ومنذ زمن بعيد لإشعال المقاومة المسلحة في الضفة الغربية كخيار استراتيجي وحيد، وهو ما كان قد عبر عنه مرارا القيادي الدكتور محمود الزهار والذي وصفها بالمقاومة العبثية، مشيرا إلى أن الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة جاء بفعل المقاومة المسلحة وإن باستطاعة حركة حماس دحر الاحتلال عن الضفة الغربية خلال أيام معدودة شريطة وقف الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية «التنسيق الأمني والكف عن ملاحقة المجاهدين واعتقالهم» حسب قوله.إعلان العالول عن إمكانية خروج المقاومة الشعبية في الضفة الغربية عن سلميتها كان أشبه برسالة تهديد مبطنة من حركة فتح للاحتلال وقد تعني كذلك إمكانية دخول وسائل مقاومة أقل سلمية في رأي بعض المراقبين على ساحة المواجهة مع الاحتلال في الضفة الغربية قد تكون الوسائل التي مارستها الجماهير الفلسطينية في «غزة» مجرد واحدة منها.الطائرات المسيرة عن بعد والمنتشرة بكثافة لأغراض اللهو والتصوير في الضفة الغربية ستكون حسب المراقبين أولى الوسائل التي ستلجأ إليها المقاومة الشعبية في المدن التي تحاصرها المستوطنات اليهودية، وهو ما قد يدفع بجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى إعادة احتلال مراكز المدن في الضفة الغربية وهي أماكن يدخلها وينسحب منها في كل الأحوال متى شاء للقيام بعمليات قتل واعتقال لنشطاء فلسطينيين دون أن يجد أي مقاومة من جانب الشرطة الفلسطينية التي تعجز عن منعه ولا تملك أكثرمن التواري عن الأنظار.إلا أن المراقبين يرون أن حالة انعدام الثقة ما بين حركتي فتح وحماس قد تمنع أي حالة تزاوج واندماج بين نشطاء فتح وحماس في الضفة الغربية في المقاومة الشعبية السلمية، خاصة وأن حركة حماس كانت قد استغلت ما قبل انقلابها على سلطة الرئيس محمود عباس في غزة سماح الأجهزة الأمنية الفلسطينية لها بالانخراط في المقاومة المسلحة في تشكيل ميليشيات مسلحة سرعان ما سقطت السلطة الفلسطينية على يدها بعد اشتباكات مسلحة دامت ثلاثة أيام سقط خلالها المئات من نشطاء فتح على أيدي نشطاء حماس، وهو الجرح الذي ما زال يعتمل في قلوب قيادة حركة فتح في الضفة الغربية وما يجعل من المصالحة كلمة السر في وصول مسيرات العودة إلى الضفة الغربية وبوسائل موجعة للاحتلال ومستوطنيه تحقق للمسيرات أهدافها...المصدر: القدس العربي!!
رام اللة..فلسطين : تقرير : الطائرات المسيرة قد تقلب مستوطنات الضفة إلى جحيم!!
20.05.2018