أرجأ الرئيسان التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلادمير بوتين، خلال مباحثات هاتفية، إبرام أي اتفاق سريع حيال هجوم النظام السوري على آخر بقعة جغرافية تتخذها المعارضة معقلاً لها، وقررا بحث ملفها ضمن مجموعة عمل تدرس الملف بكامل تفاصيله وترتب أوراقه لاجتراح حل يحسم مصير محافظة إدلب ومحيطها، بعدما تحوّل إلى عقدة من دون حل، في منطقة ضيقة تضم ملايين المدنيين.وشهدت جبهات القتال في محافظتي حماة وإدلب أمس معارك كر وفر بين فصائل المعارضة السورية والقوات الحكومية المدعومة من القوات الروسية. وقال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير التابعة للجيش السوري الحر لوكالة الأنباء الألمانية «د ب أ»: «انسحبت القوات الحكومية والمجموعات الموالية لها من قرية الحويز في ريف حماة الغربي، بعد هجوم شنته فصائل المعارضة». وأضاف القائد العسكري قائلاً: إن القوات الحكومية السورية تعرضت لكمين، أسفر عن مقتل وجرح العشرات منهم، وتم تدمير دبابتين وعدد من المركبات العسكرية، بينها سيارة عسكرية تحمل أكثر من 10 عناصر، فضلاً عن تدمير دبابتين على جبهة الحمرا بريف حماة».وأكد القائد العسكري لـ»د.ب.أ» «مقتل أكثر من 10 عناصر من القوات الروسية في الكمين الذي وقعوا فيه في قرية الحويز، وعلى إثر تعرض القوات الحكومية لهذه الخسارة، انسحبت كل قواتهم من البلدة». وتابع القائد العسكري «تعرضت القوات الحكومية أيضاً في قرية ميدان غزال إلى خسارة كبيرة، من خلال كمائن نفذها مقاتلو فصائل المعارضة على أطراف القرية وقتل وجرح عدد منهم».وقال قائد ميداني يقاتل مع القوات الحكومية السورية إن « سلاح الجو السوري والمدفعية، وجهوا ضربات مركزة لمواقع مسلحي المعارضة في بلدات اللطامنة وكفرزيتا والهبيط بريف حماه الشمالي منطقة الحويجة وبيت الراس في ريف حماة الغربي». وأضاف القائد الميداني لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «دمر سلاح المدفعية مواقع لمسلحي المعارضة في مناطق كفر سجنة وترملا بريف إدلب وألحقت إصابات مباشرة في صفوفهم». وأدت عمليات القصف الجوي والمدفعي للقوات الحكومية إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين في هذه البلدات.وقال مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) « سقط 7 قتلى وأكثر من 25 جريحاً في القصف الجوي الذي استهدف مناطق جسر الشغور والعميقة وخان شيخون ودير سنبل في ريف إدلب، ومناطق جبل شحشبو في ريف حماة وسط متابعة حركة النزوح من تلك المناطق باتجاه ريف إدلب الشمالي».وفي حين يترقب الجميع هجوماً أوسع للنظام السوري وحلفائه، على أرياف إدلب وحماة، يحاول الطرف التركي، إنجاز اتفاق «سوتشي» وايجاد تسوية تجنب إدلب اجتياحاً وشيكاً، حيث قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو أمس الأربعاء إن الرئيس رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلاديمير وبوتين اتفقا على ضرورة اجتماع مجموعة عمل بشأن شمال غربي سوريا في أسرع وقت ممكن، معرباً عن قلقه حيال مصير اللجنة الدستورية قائلاً «إن هجمات القوات الحكومية السورية تضر بفرص تشكيل لجنة برعاية الأمم المتحدة لوضع مسودة دستور جديد لسوريا».مستجدات الأوضاع في إدلب سيطرت على مباحثات الرئيسين خلال اتصال هاتفي، وفق سلسلة تغريدات لرئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، الذي اكد أن «اردوغان وبوتين بحثا العلاقات الثنائية وآخر المستجدات في إدلب السورية وأكدا التزامهما بتفاهم سوتشي» كما اكد الرئيس التركي على انتهاكات النظام السوري لوقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد خلال الأسبوعين الأخيرين، حيث «وصلت إلى مرحلة مقلقة».وبينما يبدو أن ثمة استعجالاً لبدء المعركة على إدلب ومحيطها، قبل أن يتم حسم معظم الملفات في سوريا عموماً، وفي هذا الاطار قرأ الخبير والمستشار السياسي د. باسل الحاج جاسم المباحثات الرفيعة بين موسكو وتركيا على انها اسراع في حسم الملف على الميدان ريثما تحل الملفات والتباينات بين رباعي أستانة من جانب، وبينهم وبين واشنطن من جانب آخر، وكذلك بين تركيا والولايات المتحدة من جهة ثالثة.لأن إنهاء ملف إدلب حسب وجهة نظر الخبير في العلاقات الدولية يعني بدء مرحلة الاستحقاقات المؤجلة وأبرز تلك الاستحقاقات ضرب المشروع الانفصالي شمال شرقي سوريا والذي يقوده الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني وهو المصنف على قوائم الإرهاب في الناتو ودول أخرى.وأضاف الحاج جاسم أن التنسيق والاجتماعات الروسية لم تتوقف، وتلك الاجتماعات تأخذ طابعاً تصاعدياً بسبب ارتباط الملفات وتعقيدها سواء المتعلقة بالشأن السوري أو بقضايا أخرى ثنائية وباتت اليوم مرتبطة لجهات أخرى مثل ملف أنظمة الصواريخ «إس 400».وهو يرى أن تشكيل مجموعة عمل بخصوص إدلب من شأنها بحث تفاصيل لم يعد اليوم إمكانية لتأجيلها أكثر، بغية الحفاظ وعدم التفريط بكل ما تم تحقيقه في إطار التعاون الثنائي داخل سوريا.وفيما يخص تأجيل الإعلان عن قرار حاسم لوقف فوري للاستهداف الروسي على أرياف إدلب وحماة، بعد المباحثات التركية – الروسية، اعتقد المعارض السياسي سمير نشار ان الروس أخذوا على عاتقهم تنفيذ الدور التركي المفترض والذي حددته اتفاقات سوتشي واستانة والذي ينص على ان تركيا هي من ستقوم بمحاربة التنظيمات الإرهابية (هيئة تحرير الشام وحلفاؤها) وليتم فتح الطرقات الدولية التي تربط حلب بدمشق واللاذقية. لافتا إلى ان تبديل الأدوار جاء بعد فشل انقرة في تنفيذ ذلك لان جبهة التحرير الوطنية التي دعمتها للقيام بتلك المهمة فشلت بدورها امام هيئة تحرير الشام، والواضح ان الروس والنظام قرروا القيام بالمهمة وسط مماطلة الاتراك.واعرب نشار عن اعتقاده بأن الاتصالات الجارية بين الروس والاتراك سوف تسفر لاحقاً عن وقف إطلاق النار لان هجوم الروس والنظام يفترض انه سيقضم مساحات وبلدات من المناطق المحررة ولن تكون المعركة فاصلة لإعادة احتلال إدلب، إنما اضافة لعملية القضم، اذ ان ما يجري هناك هو عملية خنق للمناطق المتبقية خارج سلطة النظام بحيث تصبح الظروف الحياتية لملايين السوريين صعبة جداً، وهذا سيضع الفصائل وهيئة تحرير الشام تحت ضغوط شديدة من قبل المدنيين الامر الذي ربما يؤدي او بالاحرى يجبرهم على تقديم تنازلات او مصالحات مع النظام.!!
دمشق.. سوريا : معارك كرّ وفرّ بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية في حماة وإدلب !!
15.05.2019